رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

حكاية وطن

 

 

قال المستشار الدكتور حنفى جبالى، رئيس مجلس النواب، فى جلسة المجلس يوم الاثنين الماضى، إنه ورد إلى المجلس طلب بالإذن برفع الحصانة البرلمانية عن أحد النواب، فتمت إحالة الطلب لمكتب المجلس الذى انتهى لخلو الطلب من عريضة الدعوى المزمع إقامتها وموافقة النائب العام على إقامة الدعوى، وقرر مكتب المجلس حفظ الطلب وعرض الأمر على المجلس بدون أسماء وإخطار مقدم الدعوى والنائب بذلك.. الحصانة البرلمانية مقررة للنواب فى الدستور فى المادتين (112- 113) وهى نوعان موضوعية وإجرائية، ويحق لمجلس النواب رفض طلب رفع الحصانة إذا خالف قواعد اللائحة والدستور، وإذا كان به شبهة كيدية للنائب.

من الأهمية حماية النائب لتمكينه من أداء مهامه، وحماية حقوق المواطنين المدعين مهمة أيضاً. وبالتالى فإن إعلان اسم النائب المطلوب رفع الحصانة عنه لن يضيره أو يسىء إليه لأن الدستور الذى يحمى حقوقه يحمى حق التقاضى أيضاً فلا أحد فوق القانون.

لم تتضمن وثيقة الدستور الأولى التى شهدتها مصر، والصادرة فى 22 أكتوبر عام 1899، أى نص يشير إلى الحصانة ضد المسئولية البرلمانية، فقد تشددت هذه الوثيقة وحدت من الحصانة. وقد يكون ذلك راجعاً إلى حداثة العهد بالنظم الديمقراطية.

فقد كان هذا المجلس (مجلس شورى النواب) أول تجربة للحياة السياسية والنيابية فى مصر.

وبعد استقرار الحياة النيابية فى مصر وإعادة تشكيل مجلس النواب عام 1882، نجد أن اللائحة الأساسية بهذا المجلس تضمنت نصاً يعزز الحصانة لأعضائه ضد المسئولية البرلمانية، ثم جاء دستور 1923 مؤكداً هذه الحصانة، كذلك الدساتير التى تليه 1956، 1958، 1964 وأخيراً صدر دستور 1971 متضمناً النص على الحصانة ضد المسئولية البرلمانية كما فى الدساتير السابقة.

أما الحصانة ضد الإجراءات الجنائية فقد تضمنت أقدم وثيقة دستورية النص على الحصانة ضد الإجراءات الجنائية على عكس الحصانة البرلمانية. كما تعاقبت الوثائق الدستورية المصرية على النص على هذه الحصانة، إذ يتبين حرص المشرع الدستورى على ضمان وحماية استقلال أعضاء مجلس النواب إلى أبعد مدى.

كما تعاقبت الدساتير المصرية دستور 1923، دستور 1930، دستور 1956، دستور 1971، دستور 2012، ثم أخيراً دستور 2014 الذى نص فى مادته رقم (113) منه على أنه «لا يجوز فى غير حالة التلبس بالجريمة اتخاذ أية إجراءات جنائية ضد عضو مجلس النواب إلا بإذن سابق من المجلس، وفى غير دور انعقاد المجلس يتعين أخذ إذن مكتب رئيس المجلس ويخطر المجلس عنه فى أول انعقاد له بما اتخذ من إجراء..

أما الحصانة الموضوعية التى يتمتع بها أعضاء مجلس النواب، فيقصد بها إعفاء عضو البرلمان من المسئولية بما يبديه من آراء أو أقوال بمناسبة أداء عمله البرلمانى، فلا يسأل عما أبداه من آراء وأفكار طيلة مدة عضويته، ولو زالت عنه العضوية بعد ذلك فهى امتياز دستورى مقرر لأعضاء البرلمان بصفاتهم لا بأشخاصهم، سواءً كانوا منتخبين أم معينين، ويتيح لهم- أثناء أو بمناسبة قيامهم بواجباتهم البرلمانية دون أية مسئوليات جنائية أو مدنية تترتب على ذلك، وهى بذلك تعتبر من أهم الضمانات البرلمانية التى لا يمكن من دونها حماية نزاهة واستقلال أعضاء البرلمان فى المناقشة وإبداء الرأى ورقابة أعمال الحكومة.

تعد الحصانة البرلمانية واحدة من أهم الوسائل الدستورية المنظمة للعلاقة بين السلطات الثلاث التنفيذية والتشريعية والقضائية، وتزداد أهميتها بحكم ارتباطها المباشر واللامحدود بفئة من ممثلى الشعب الذين أوصلتهم إرادة البرلمان ليدافعوا عنها بكل حرية ودون خوف لتحقيق العدل والمساواة بين أفراد هذا الشعب.

ولقد كان مصطلح «حصانة» فى القانون الرومانى مفهوماً أو معنى ضيقاً محدداً، إذ كان يقصد به آنذاك «الإعفاء الضريبى» الذى كان يمنح لبعض المواطنين الذين كانوا يباشرون مهناً معينة أو كانوا يؤدون للدولة خدمات مميزة.

ثم اتخذ هذا المصطلح فى القانون القديم السائد قبل الثورة الفرنسية معنى أكثر اتساعاً، حيث أصبح يقصد به إعفاء بعض الأفراد من التزامات مفروضة عليهم كالإعفاء من الخدمة العسكرية أو من دفع ضريبة أو يقصد به إعفاؤهم من واجبات والتزامات كانت ملقاة على أشخاصهم وثرواتهم، ثم ظهر مصطلح الحصانة كضمانة مهمة وأساسية لأعضاء البرلمان لحماية استقلالهم أثناء قيامهم بأعمالهم البرلمانية.

لا شك أن ضمان حرية أعضاء البرلمان من النتائج الضرورية لمبدأ الفصل بين السلطات، إذ يجب أن يكون البرلمان مستقلاً وأن تتوافر لأعضائه الحرية فى أداء واجباتهم البرلمانية، فهى ضمانات للسلطة التشريعية متمثلة فى أعضائه، وذلك حتى لا تتمكن السلطة التنفيذية من التأثير فى أعضاء البرلمان بالترغيب أو الترهيب.

وهذه الضمانات قد نصت معظم دساتير العالم عليها، وتتمثل فى الحصانة البرلمانية وعدم مسئولية الأعضاء عن أقوالهم وآرائهم بالمجلس، وهى تعنى عدم جواز اتخاذ أى إجراء جنائى ضد أى عضو من أعضاء البرلمان الذى ينتمى إليه، وذلك فى أثناء انعقاده فى غير حالات التلبس إلا بعد الحصول على إذن البرلمان.