رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

حتى نلتقي

تسعون عامًا تمر هذه الأيام على رحيل أمير الشعراء أحمد شوقي، فقد غاب عن الحياة فى 14 أكتوبر 1932، بعدما أعاد للشعر العربى بهاءه القديم، وأضاف إليه من الحلاوة الطلاوة ما جعله يتردد على ألسنة الناس شرقا وغربًا، حتى غدا الكثير من أبيات شوقى مضرب الأمثال فى أكثر من مجال.

ولد الرجل فى 1868 بالقاهرة وتلقى تعليمه فى مدارسها، ثم سافر إلى باريس ليدرس الحقوق فى جامعاتها، وهناك أتقن اللغة الفرنسية، واستزاد من معارف أوروبا وفنونها.

صال شوقى وجال فى حدائق الشعر، فمدح الخديو عباس، فقد تربى فى قصور الحكام، لأن جدته لوالدته كانت إحدى وصيفات القصر فى زمن الخديو إسماعيل، ولما أقدم الإنجليز على نفيه عام 1915 إلى أسبانيا، اشتعل الحنين فى قلبه إلى مصر، واكتشف أن الشعب أولى بالثناء، فهجرت قصائده قصور الحكام، لتتغنى بكفاح الشعب وحقوقه المسلوبة.

اللافت أن شوقى ترك لنا أكثر من 23 ألف بيت من الشعر الجميل، وهو رقم لم ينجزه أى شاعر عربى على مر التاريخ. هذه الغزارة فى الإنتاج الشعرى لم تقلل من كفاءته وروعته أبدًا، ولعل موهبته المتدفقة هذه تفسر لنا كيف يكتب شاعر عن اختراع الطائرة وبنك مصر وتماثيل قدماء المصريين بالجمال نفسه الذى يمتدح فيه النساء والغرام والطبيعة والمعلّم والرسول الكريم.

من فضائل شوقى أيضًا أنه أول من كتب شعرًا للأطفال والصبيان، كما كتب الرواية، نعم الرواية، قبل أن يعرف المصريون والعرب هذا الفن، فأصدر (عذراء الهند) و(الفرعون الأخير)، كما كان أول شاعر طرق باب المسرح الشعرى بقوة، فأبدع لنا (مجنون ليلى)، و(مصرع كليوباترا)، و(على بك الكبير) و(الست هدى)، و(قمبيز).

تخيل حجم النشوة التى تعترينا ونحن ننصت إلى حنجرة أم كلثوم الذهبية وهى تترنم بأشعار شوقى الساحرة مثل (سلوا كؤوس الطلا)، و(سلوا قلبي)، و(نهج البردة)، و(ولد الهدى)، أما الموسيقار الأعظم محمد عبدالوهاب، فكان موفور الحظ، إذ اصطفاه شوقى و(تبناه) منذ عام 1924، فظل عبدالوهاب ملتصقًا بالأمير حتى رحيل الأخير، وفى البرنامج التليفزيونى (النهر الخالد)، وبالتحديد الحلقة الرابعة يتحدث عبدالوهاب عن صفات شوقى الجسدية وسلوكياته اليومية خاصة عندما يهبط عليه (وحى الشعر)، وكيف ينفعل ويتوتر ويتعرق ويتحرك هائمًا من مكان لمكان وهو يطارد فى مخيلته أبيات الشعر المراوغة حتى يقبض عليها فتمتثل لمهاراته الخارقة.

ولأن شوقى أحبّ صوت عبدالوهاب وموسيقاه، فكتب له عدة أغنيات بالعامية المصرية مثل (فى الليل لما خلي)، و(اللى يحب الجمال)، و(دار البشاير مجلسنا)، (وبلبل حيران)، وغيرها، هذا غير القصائد الفصيحة مثل (خدعوها بقولهم حسناء)، و(علموه كيف يجفو فجفا)، و(يا جارة الوادي)، و(مضناك جفاه مرقده)، و(جبل التوباد)، وغيرها.

أجل... شوقى أعظم شاعر مصرى وعربى فى الألف عام الأخيرة، ولنا أن نفاخر به من قرن إلى آخر.