عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

حكاية وطن

خطة الخداع الاستراتيجى التى وضعها السادات لحرب السادس من أكتوبر لم تقتصر على إخفاء ساعة الصفر أو حتى قرار الحرب، ولكن شملت كل الجوانب الاجتماعية والاقتصادية والصحية للشعب، بدأت الخطة فى شهر يوليو عام 1972 وحتى يوم الحرب فى 6 أكتوبر عام 1973.

الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية للمصريين فى ذلك الوقت كانت تسير بشكل طبيعى، وكان من المستحيل أن يشك أحد فى أن هذه أحوال بلد اتخذ قرار الحرب ويعد له العدة، فقد صدرت الحكومة من خلال الصحافة للشعب صورة البلد المشغول بالتنمية المحلية، الذى يستعد لموسم المدارس وشهر رمضان دون أن يكون لديه أى وقت لكى يفكر فى الحرب، لذلك فوجئ الجميع بالحرب وأولهم الشعب المصرى.

من خلال الأخبار التى كانت تسربها الحكومة إلى الصحف فى ذلك الوقت تأكد أن السادات استغل توقيت رمضان والمدارس كنوع من الخداع الاستراتيجى فى توفير احتياجات المصريين التموينية، والتأكيد على أن البلد مستمر فى روتينه الطبيعى، فقد تم تنفيذ سياسة الانفتاح الاقتصادى بالنسبة للاستيراد، فكان يسمح للمواطن بالحصول على ملابسه الشخصية، ومستلزمات رحلته من معدات تصوير ونظارات كبيرة بشرط قيدها على جواز السفر، كما يسمح له بالخروج من مصر ومعه هدايا من خان الخليلى على ألا يزيد ثمنها على 30 جنيهاً، ومواد غذائية لا تزيد على 5 كيلو، وبعد العودة يفرج عن الملابس الشخصية وجميع الأشياء المثبتة فى جواز السفر قبل الخروج من مصر.

ورفضت الدولة الاستيراد للفرد فى العام الواحد ببضاعة تقدر بـ100 جنيه، بعد أن كان الحد الاستيرادى للفرد الواحد 50 جنيهاً فقط، كما سمحت الحكومة للمواطن العائد من الخارج، بإحضار فيسبا أو سيارة ركوب واحدة للاستعمال الشخصى كل سنتين، على عكس ما كان يحدث قبل الانفتاح. وأعلنت وزارة المالية عن بيع بضائع مستوردة جديدة ومستعملة بجمرك الإسكندرية بالمزاد العلنى، منها موتورات، قطع غيار، أدوات كهربائية، ماكينات وكيماويات، كما أعلنت أن مصر اقترضت من البنك الدولى 5 ملايين دولار لإنشاء 40 مركزاً طبياً وعيادة شاملة، وفى 10 سبتمبر افتتح الدكتور محمود فوزى، نائب رئيس الجمهورية آنذاك، فرع المتاجر الشعبية بالفجالة التى أنشأها السادات لعرض سلع مختلفة بأسعار رخيصة كخدمة للمواطنين.

كانت مصر تستعد فى هذا التوقيت لاستقبال العام الدراسى الجديد بشكل طبيعى، وأعلنت الصحف أن الدولة قررت بدء الدراسة بالمدارس فى 29 سبتمبر، أى قبل الحرب بأسبوع واحد، كما أعلنت أن الدولة ستطرح بالأسواق نصف مليون حذاء شعبى، على أن يتراوح سعرها بين 95 و232 قرشاً، لكى يستعد كل الطلبة للموسم الدراسى الجديد بحذاء جديد، كما قرر السادات إنشاء مدرسة ثانوية صناعية بسجن القناطر، حتى تتحول السجون فى مصر إلى دور للتربية والتهذيب، أعادت هذه المدرسة الأمل للمساجين، وهم يقرأون فى المكتبة، ويقومون باستخدام بعض المعدات، ويتعلمون حرفاً جديدة. كما تم نشر صور للمساجين وهم يشاهدون التلفاز، وخلال لعبهم كرة القدم.

ضخت الدولة، قبل بداية شهر رمضان، العديد من السلع التموينية للشعب المصرى، لشراء كل ما يلزمه خلال الشهر الكريم، ولم يكن الشعب يعلم أن الرئيس السادات كان يريد أن يزود الشعب بجميع المنتجات الاستهلاكية قبل الحرب المجيدة، حيث قررت الدولة مضاعفة ما يقدم فى المجتمعات الاستهلاكية يومياً للمواطنين، حيث تم توفير اللحوم البقرية، وكانت تذبح 17 ألف بقرة يومياً، ليحصل المواطن على اللحم بـ68 قرشاً، بالإضافة إلى طرح 60 ألف دجاجة يومياً للمواطنين.

كما قررت الدولة زيادة كميات السكر والدقيق بنسبة 50٪ والزيت بنسبة 100٪، ودعت المواطنين لعدم السماع للشائعات المغرضة التى تتسبب فى جعلهم يشترون المنتجات وتخزينها ما قد يحدث أزمة فى بعض المنتجات.

كل هذا الاستقرار الذى حققه السادات للمواطنين فى حياتهم المعيشية جعلهم يتمسكون بالحرب على العدو، لهذا استحقوا الانتصار، كان السادات داهية عصره، وماكراً لا يمكن لأحد الوقوف أمام مكره حتى لو كان من أصحاب العقل والمنطق كما قال مدير المخابرات الإسرائيلى عنه، وقالت المخابرات الأمريكية عند وفاة عبدالناصر مات الصعيدى الطيب وجاء الثعلب المكار.