رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

 

من حقائق العصر الرقمى، أو عصر الثقافة الرقمية، أو زمن الموبايل وتوابعه أن الأطفال تحديدا حتى سن العاشرة يكرهون الكتب لأنهم باختصار أبصروا الحياة على الصورة وليس الكلمة، والطفل من لحظة قدرته على النظر بعينيه والامساك بيديه، قبل ان يبلغ عامه الأول يتعلق بالموبايل ويبحث عنه ويستريح وربما ينقطع عن الصراخ فورا بمجرد إضاءة شاشة أمامه.. العصر الرقمى يمثل أروع وأعظم ما تحقق للبشرية منذ وجد إنسانها الأول قبل ملايين السنين، وعظمة هذا التحول أن الثقافة الرقمية ليست حكرا على المتعلمين ولكنها متاحة ويملكها المتعلم وغير المتعلم، والمثقف وغير المثقف، والطفل والكهل والمريض والمعافى.. السؤال الذى أصبح وجوديا الآن فيما يتعلق بعلاقتنا بالعالم الرقمى أو عالم الانترنت ليس هو كيف نبحث عن ما نريد، وإنما ماذا نفعل بما نعثر عليه أو نكتشفه على الانترنت؟ ولو توفرت لنا إجابة علمية عن سؤال ماذا نفعل بما نعثر عليه، فإن الطبيعى وقتها أن نعرف عن ماذا نبحث بالأساس وكيف نتعامل مع كل ما نواجهه من خبايا ومكنونات وكنوز وعفاريت ومخدرات الثقافة الرقمية..!

فى اليابان تحركوا مبكرا لمواجهة مخاطر تسونامى العصر الرقمى، ووضعت الحكومة اليابانية عينها على الأطفال، إيمانا منها بأن الإعداد الجيد للطفل سيجعله وهو رجل كبير أو امرأة مسئولًا أن يعرف كيف يتعامل مع أدوات الثقافة الرقمية بأمان وثقة. تقارير وبحوث علماء الاجتماع والخبراء اليابانيين أكدت أن علاقة الطفل بالكتاب أصبحت علاقة مخيبة للآمال ومحبطة، وأن الأطفال الذين ولدوا بعد تسونامى الثقافة الرقمية باتوا يكرهون الكتب، والسبب من وجهة نظر اليابانيين يكمن فى سيطرة الثقافة الرقمية بكل ما تحويه من إيجابيات وسلبيات على فكر وسلوك الأطفال والشباب، وأنها أصبحت تشكل إدمانا رهيبا. يؤكد الخبراء اليابانيون الذين قاموا على دراسة ميدانية كبيرة حول تأثير أدوات ونواتج الثقافة على الأطفال والشباب أنه ليس بإمكان هذا المتلقى التخلص من إدمان هذه الثقافة وأدواتها، و«المدمن عبر الإنترنت لن يستطيع الاقلاع عن هذا الإدمان، لأنّه ببساطة علق فى «المصيدة».

ضمن الاستراتيجيات التعليمية الجديدة باليابان هناك ما أطلق عليه: «يوتورى كيوئيكو» وهى استراتيجية تعرف بـ «التعليم المريح» وتركز هذه الاستراتيجية الموجهة للتعليم الإبتدائى على منح الأطفال مرونة أكثر فى التفكير الاستقلالى إضافة إلى تخفيض الحصص الدراسية وتبديلها بحصص أخرى فى مجال خدمة المجتمع، وصممت السياسة الجديدة بما يدعم التفكير النقدى وحسن التمييز والتعبير عن الذات واكتساب المعارف والمهارات الأساسية.. المرحلة الابتدائية موضع اهتمام كبير فى استراتيجيات التعليم باليابان، وتعتبر من أهم المراحل وأكثرها دقة فى بناء شخصية التلميذ و اكتشاف مهاراته و قدراته. خلال العشر سنوات الأولى من عمر الطفل – أى حتى الصف الرابع تقريبا لا يخضع الطفل لأى إمتحان باستثناء اختبارات قليلة وسهلة. ويعتبر اليابانيون أن أول أربع سنوات ابتدائى ينحصر التعليم فى اختبار قدرات التلميذ الإدراكية الخاصة تجاه ما حوله، لأنها سنوات تكوين للتلميذ ويكون التركيز فيها على قيم الأخلاق، والعمل، و العمل التطوعى، والتسامح، والسلام، وكل ما من شأنه أن يشكل شخصية الطفل المستقبلية على أسس قوية وسليمة وعصرية

فى بريطانيا يعرض تقرير لهيئة الاذاعة البريطانيه تصورا لحلول مشكلة إدمان الأطفال لأدوات ومنتج الثقافة الرقمية وكراهيتهم للكتب ويقول التقرير: حين نتحدث عن أجهزة رقمية وتقنيات حديثة، ينبغى لنا تهيئة «البيئة العقلية» لنضع تلك التقنيات فى مواضعها الصحيحة، حتى لا يساء استخدامها ويصبح ضررها أكبر من نفعها.

تقول تيسا جولز رئيسة مركز الثقافة الإعلامية للطفل بهيئة الإذاعة البريطانية: يمكننا إيجاد وسائط آمنة للأطفال على شبكة الإنترنت، إلا أنه يتوجب على الأهل والمعلمين تعليمهم مهارات استخدام تلك الوسائط بشكل آمن». وترى تيسا جولز أنه يجب تدريس الثقافة الرقمية للأطفال فى المدارس، والأهم قبل ذلك أن نوجد نهجًا وطرقًا لتعليم المعلمين الكيفية التى يمكن بها تناول الموضوع».