رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

حكاية وطن

 

يعتبر التشريع المهمة الأساسية للبرلمان، كان مجلس الشعب فى الحقبة السابقة يقتنى ثلاجة لحفظ التشريعات حرصاً عليها من التلف، فى الحقيقة كانتا ثلاجتين إحداهما فى الدور التاسع من مبنى المجمع المواجه لشارع قصر العينى مع مجلس الوزراء، وكانت مخصصة لحفظ اللحوم والفراخ والأسماك وكافة أنواع الخضار والحلويات لزوم مطعم ونادى المجلس الذى كان يحتل هذا الدور لإعداد ما يحتاجه النواب فى وجبة الغداء.

الحقيقة كانت وجبة رخيصة لا تتعدى العشرة جنيهات فى فترة التسعينيات، وكان للنادى مجلس إدارة ومحاسبون ومحصلون وطهاة.

والثلاجة الثانية فى الدور الأرضى تقع على يمين الداخل إلى قاعة المجلس الرئيسية ومخصصة لحفظ مشروعات القوانين وكافة آليات الرقابة التى يتقدم بها لأعضاء من استجوابات وطلبات إحاطة وبيانات عاجلة وأسئلة، ويسحب منها المجلس بالطلب للمناقشة تحت القبة أو الإحاطة إلى اللجان لإعداد تقارير، عرفنا دور ثلاجة اللحوم والفراخ، أما عن ثلاجة القوانين فلها حكاية، كانت الحكومة تتحكم فى كل ما يطرح للمناقشة فى المجلس، وكانت تحتكر التشريع، ما تقدمه الحكومة هو مشروع قانون يذهب إلى لجنة الموضوع لسلقه حسب التعليمات ثم يحال إلى القاعة لاستكمال تسويته على مزاج الزبون، والزبون دائماً على حق، كانت التشريعات الحكومية تهدف إلى إحكام قبضتها على الشعب فى صورة رسوم وضرائب أو تشديد قبضة الهراوة الأمنية، رجال الحكومة دائماً جاهزون تحت القبة، البعض يناقش للحفاظ على المواد كما هى، أو كما وردت من الحكومة، والبعض يحضر أثناء التصويت لرفع الأيدى بالموافقة.

الدستور كان يغل يد المجلس فى التشريع، كان يسمح لكل نائب بتقديم اقتراح بمشروع قانون، ويحال الاقتراح إذا كان لمقدمه حيثية وشخصية إلى لجنة الاقتراحات لمناقشته من الناحية الدستورية، فإذا وجدته غير دستورى يبقى جات من الدستور وتقرر حفظه، وإذا كان مطابقاً للدستور، يبقى اعتراض الحكومة عليه جاهزاً ويتم حفظه فى الثلاجة أيضاً، أما باقى المشروعات فلا تبارح الثلاجة شتاء ولا صيفاً، ومعها باقى آليات الرقابة غير المطلوبة، ويتم السماح بطلبات الإحاطة والبيانات العاجلة أو حتى الاستجوابات التى تساعد الحكومة على استعراض قوتها وسيطرتها، وكان نواب الأغلبية يجيدون تهيئة الكرة للحكومة لمساعدتها على تسجيل الأهداف فى المرمى الخالى أو فى الحارس المرتبك، أو فى الفريق الذى يجد نفسه مضطراً إلى تفويت المباراة.

كانت الحكومة دائما على حق عندما تقدمت بمشروع قانون إنشاء الجامعات الخاصة، قال رئيس لجنة التعليم للأعضاء: جاءنى مظروف مغلق من وزير شئون مجلس الوزراء وكان فى ذلك الوقت المستشار طلعت حماد، وطلب منى إصدار قانون الجامعات الخاصة كما ورد من الحكومة بدون كشط أو تعديل، عُلم قال النواب عُلم وينفذ!

الدستور فى عام 2014 تنبه إلى عدم سيطرة البرلمان على التشريع بالشكل المناسب، وحرره من دور المتلقى للتشريعات ومناقشتها فقط إلى دور أكبر وهو دور صانع التشريع والمبادر به، حيث سمح دستور 2014 لعُشر عدد الأعضاء بالتقدم بمشروع قانون أسوة بالحكومة، ويحال إلى لجنة الموضوع مباشرة دون المرور على لجنة الفحص والتمحيص والرفض، ومنذ ذلك الوقت وجدنا تشريعات من صنع المجلس تتفق مع حاجة المواطن إلى جانب مشروعات الحكومة، مما أوجد مناقشة شريفة فى صناعة التشريع بين المجلس والحكومة وضعت المعايير الأساسية الواجب اتباعها للحفاظ على النظام العام، وحماية الحقوق والحريات الفردية لأفراد المجتمع، وتوفير قواعد العدالة، ووجدنا قوانين مرنة تتكيف مع التغير الاجتماعى وتغير طبيعة العلاقات الاجتماعية، ووجدنا قوانين تدافع عن أفراد المجتمع ضد قوى الشر، وترسى العدالة.

دستور 2014 رفع الأسلاك أو الوصلة الكهربائية عن ثلاجة الدور الأرضى بالبرلمان، وحلت مكانها العلاقة الطبيعية بين الحكومة ومجلس النواب لتحقيق صالح الدولة والمواطن دون تحيز لجانب على حساب الآخر.