رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

حكاية وطن

 

 

 

عادت قضية التبرع بالأعضاء البشرية إلى الظهور من جديد، بعد إعلان عدد من الفنانات التبرع بأعضائهن بعد الوفاة، ما جعل الدولة تفكر فى تسجيل التبرع فى بطاقة الرقم القومى، مع جواز التراجع عنه قبل الوفاة للمتبرع أو الأسرة.

نقل الأعضاء من الأحياء إلى المرضى المحتاجين لزراعة أعضاء بشرية صدر به القانون رقم «5» لعام 2010، ما دعا البعض إلى التوصية بالتبرع بأعضائهن بعد الوفاة للتصدى للأزمة التى واجهت القانون فى ذلك الوقت.

الأزمة كانت بين مجلس الشورى صاحب الاختصاص الدستورى فى مناقشة القانون ممثلاً فى لجنة الصحة التى كانت برئاسة الدكتور ماهر مهران، وبين لجنة الصحة ممثلة فى الدكتور حمدى السيد. كانت «صحة الشورى» تتخوف من تقنين تجارة الأعضاء البشرية، ولجنة الشعب تنظر إلى آلاف المرضى الذين يبحثون عن عضو بشرى ينقذ حياتهم. وانتصر مجلس الشورى وتوقفت مناقشة مشروع القانون. وبعد تولى صفوت الشريف رئاسة مجلس الشورى تحركت المياه الراكدة، وصدر قانون تنظيم زراعة ونقل الأعضاء البشرية التى تقتضيها المحافظة على حياة المتلقى أو علاجه من مرض جسيم، وحظر القانون زرع الأعضاء وإجراءها أو الأنسجة أو الخلايا التناسلية، بما يؤدى الى اختلاط الانساب.

وجاء حظر زراعة الأعضاء التناسلية بعد واقعة مثيرة شهدها مجلس الشعب حيث تقدم أحد الأعضاء الى رئيس مجلس الشعب الدكتور أحمد فتحى سرور بطلب لزراعة عضو تناسلى بسبب مروره بأزمة صحية، تمت مواجهة الطلب فى بداية الأمر على أنه مزحة سخيفة، وتبين صحتها، وطلب سرور من عيادة المجلس علاج أى مريض يعانى من مشكلة تناسلية فى الخارج، وحذر من التعاقد مع هذه التخصصات فى عيادة المجلس!

ثم واجه المجلس بعد ذلك مشكلة نقل الأعضاء من الميت إلى الحي، وكان الخلاف حول تعريف الوفاة، وتعثر تطبيق القانون بسبب المخاوف من تجارة الأعضاء بسبب غياب الرقابة على المستشفيات الخاصة.

زراعة الأعضاء هى واحدة من أكثر إنجازات الطب الحديث إعجازاً، فهى غالباً ما تكون الحل الوحيد والأخير فى المرحلة المتقدمة من الفشل العضوي، كما فى أمراض القلب والكبد والكلى الأمر الذى أعطى ومازال يعطى الأمل فى حياة الملايين من المرضى على مستوى العالم.

ولكن مازالت هناك مخاوف عالمية من التجارة فى الأعضاء البشرية، وظهور أسواق لتداول البشر بعد سوق تداول الأعضاء، وإذا كان التبرع هو الأصل فى عمليات زراعة ونقل الأعضاء والأنسجة، لكن مع  ندرة الأعضاء والأنسجة بدأت عمليات التجارة فيها على المستوى العالمي، مما أدى إلى تزايد الانتهاكات والاستغلال خاصة الفقراء لصالح الأغنياء ولصالح شركات الوساطة والسمسرة وعرف العالم ما يسمى بسياحة زرع الأعضاء، وهو الأمر الذى يعد انتهاكاً لحقوق الانسان الأساسية، خاصة الحق فى الحياة  والحق فى الصحة،  ومازالت هناك مخاوف من تحول المرضى والفقراء إلى قطع غيار للأغنياء.

عودة التفكير فى تبرع الأحياء بأعضائهم بعد الوفاة جدد الأمل فى إنقاذ المرضى، لكن لابد من وضع ضوابط مشددة لمنع تسرب الأعضاء إلى من يدفع المقابل، تبرع الفنانات بأعضائهن كان بهدف الصدقة الجارية، وعملا بمبدأ الحى أبقى من الميت، ليستفيد المرضى من الأعضاء بدلاً من تركها لدود الأرض.

تطبيق عمليات نقل الأعضاء من الموتى، تجعل بعض المرضى يفوزون بأعضاء الفنانات وغيرهن من المتبرعين بعد قيام البعض من المشاهير بحذوهم، فقد نجد مريضًا يحمل قلب فنانة شهيرة، سواء ممثلة أو راقصة، وهذا يعود بنا إلى فيلم قلب أمه انتاج عام 2018 للمنتج أحمد السبكى، والذى تدور أحداثه فى إطار كوميدى جعل زعيم عصابة يدعى «مجدى نخنوخ» يدخل فى مشاجرة يصاب على إثرها، وينقل إلى المستشفى فى حالة خطيرة حيث يحتاج إلى زرع قلب، وفى ذات الوقت تتوفى والدة الشاب «يونس» فيلجأ الأطباء إلى نقل قلب والدته إلى «نخنوخ» لانقاذ حياته فيتعامل مع «يونس» بطريقة حنان الأم وخوفها عليه، ويقرر اعتزال العمل الاجرامى، ليتفرغ لـ«يونس» ويقوم بدور الأم فى الطبخ والرعاية، ويعامله بحنان الأم بعد أن كان زعيم عصابة يخشاه الجميع.

طبعًا الفيلم خيال علمى، فالقلب وظيفته هى ضخ الدم إلى بقية الجسم، بدليل أن الجراحين الأمريكيين نجحوا فى زرع قلب خنزير معدل وراثيًا داخل جسم انسان، وهو ديفيد بينيبت والذى يعد أول انسان فى العالم تتم زراعة قلب خنزير فى جسمه، ولكنه توفى بعد شهرين بعد تدهور مفاجئ فى حالته الصحية.

ويبقى التبرع الطبيعى من الأحياء أو بعد الموت للمرضى هو الوسيلة الوحيدة والمهمة لانقاذ ملايين البشر حول العالم رغم الجدل المثار حولها، وشكرًا لفنانات مصر، مع الدعاء لهن بالعمر الطويل.