رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

طرح النائب ورجل الأعمال أحمد أبوهشيمة، خلال لقائه مع الإعلامى شريف عامر، فكرة مبادرة بالحصول على الذهب من الشعب المصرى كوديعة مقابل عائد سنوى 3%، لحل أزمة الدولار، استناداً– كما قال سيادته– إلى «أن ادخار الذهب ثقافة موروثة عند المصريين، وأن الذهب موجود عند كل فئات المجتمع من جرام واحد إلى 10 كيلو.. »، وقام سيادة النائب بعمل حسبة بسيطة فى حالة جمع 50 جراماً من 10 ملايين شخص كوديعة، يمكن أن يكون لدينا ما قيمته 25 مليار دولار وقتها، مؤكداً أنها فكرة غير تقليدية لحل أزمة الدولار فى مصر.

مبادرة سيادة النائب الشخصية والمبتكرة- على حد قوله- تعيد للأذهان ما فعله الرئيس الأمريكى «روزفلت» فى فترة الكساد الكبير– مع الفارق بينهما–.. وإليكم القصة.

- فى عام 1929 دخل الاقتصاد الأمريكى فى ركود كبير، وبعد أربع سنوات انهارت مصارف أمريكية عديدة، وأصبح النظام المالى الأمريكى فى خطر، فقدَّم الرئيس الأمريكى «روزفلت» خطة إنعاش اقتصادى سميت بـ«الصفقة الجديدة»، وبدلاً من خفض قيمة الدولار مقابل عملة ورقية أخرى، اختار «روزفلت» أن يكون تخفيض سعر الدولار مقابل الذهب عن طريق رفع سعر الأخير، وبفضل سلطات «روزفلت» الاقتصادية الطارئة، أعلن رفع سعر أوقية الذهب– الأوقية تساوى تقريباً 31 جراماً تقريباً– من 20 دولاراً و67 سنتاً إلى ما بين 25 دولاراً و30 دولاراً.

- المشكلة التى واجهت الرئيس الأمريكى وقتها أن الفائدة من هذه الزيادة سيذهب جزء كبير منها إلى مدخرى الذهب، وسيقوم الناس بتحويل الدولارات الورقية إلى سبائك ذهبية، استباقاً لمزيد من الارتفاعات فى أسعار الذهب، وبذلك لن تجدى هذه الخطة فى تحرير المدخرات الخاصة أو إعادة وضعها فى عملية التداول.

- لذلك استخدم «روزفلت» سلطاته الرئاسية، وقام بمصادرة الذهب الخاص، وكان يعاقب كل من يضبط بحوزته ذهباً بغرامة قدرها 10 آلاف دولار، وسمح للمواطنين بالاحتفاظ بخمس أوقيات فقط، ومنح بعض الاستثناءات لمن يستخدمون الذهب فى الصناعة بشكل شرعى ومعتاد، كما حظر تصدير الذهب إلا بموافقة وزير الخزانة، وأصدر قراراً تنفيذياً فى أغسطس 1933 بإلزام مناجم الذهب فى الولايات المتحدة ببيع إنتاجها إلى وزارة الخزانة بسعر تحدده الخزانة.

- لقد زاد بذلك مخزون الذهب الرسمى زيادة كبيرة، وتشير التقديرات إلى أن الأمريكيين قد سلموا فى عام 1933 ما يزيد على خمسمائة طن من الذهب إلى وزارة الخزانة، وارتفعت قيمة الذهب الذى تم جمعه نحو ثلاثة مليارات دولار فى يوم واحد.

- المدهش أن نفس الكمية التى استهدفها سيادة النائب بواقع 50 جراماً من 10 ملايين شخص، هى تقريباً نفس الكمية التى سلمها الأمريكيون حسب خطة «روزفلت»– 500 طن ذهب، لكن الفارق بين «خطة روزفلت» و«مبادرة أبوهشيمة» هى خشونة روزفلت فى قراراته، و«شياكة» المبادرة فى شكلها العصرى، بتحويل المدخرات إلى ودائع بفائدة سنوية، مع الوضع فى الاعتبار فارق التوقيت والظروف والأهداف والواقع والنتائج بين «خطة روزفلت» و«مبادرة أبوهشيمة».

- ثم إن فائدة الوديعة بواقع 3% سنوياً، حسب الرقم الذى استهدفه سيادة النائب، سيكون مطلوباً دفع قيمة 15 طن ذهب سنوياً للمودعين، وهو ما يعادل تقريباً إنتاج مصر السنوى من الذهب، حيث تشير التقارير والأرقام إلى أن إنتاج مصر من الذهب نحو 16 طناً سنوياً، مع الأخذ فى الاعتبار أنه إذا انتاب الفرد مجرد الإحساس بفقدان الثقة فى العملة الورقية، سيزداد اهتمامه بشراء المعدن النفيس وادخاره، وستأتى مبادرة سيادة النائب بعكس أهدافها تماماً.

- فى النهاية.. إذا أكد خبراء الاقتصاد– وهم أهل العلم والدراسة والاختصاص– أن قرار حظر تصدير الذهب واقتصاره على الدولة فقط، على سبيل المثال، وإلزام الشركات التى تقوم بالتنقيب عن المعدن النفيس بتسليم إنتاجها إلى وزارة المالية أو البنك المركزى بسعر تحدده الدولة وبالجنيه المصرى سيكون له تأثير فعال فى إنعاش الاقتصاد، فأهلاً بتطبيق هذا القرار– ولو مؤقتاً– ولفترة زمنية محددة تراها الدولة.. وسيكون هذا أفضل، والله أعلم.

[email protected]