عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

حكاية وطن

 

 

 

قانون تنظيم الأحزاب السياسية الذى أصدره مجلس قيادة ثورة 23 يوليو، وكان المقصود من ورائه هدم حزب مصطفى النحاس أولاً وأخيراً، وعلى الرغم من معارضة الدكتور «السنهورى» لهذا المشروع باعتباره مخالفًا للدستور، ثم إقراره من منطلق الاقتناع بأن الأحزاب الموجودة على الساحة لا يمكنها أن تقيم ديمقراطية برلمانية سلمية، واعتبرت بموجبه جميع الأحزاب منحلة منذ صدوره ويعاد تأسيسها من جديد وفقًا لأحكامه وتسبب صدور القانون فى نشوب معركة سياسية طاحنة، أصدر بموجبها النحاس باشا بياناً إلى الشعب قال فيه:

«إننى أعد نفسى ملكاً للشعب، وقد كانت ثقتى فى الشعب وثقته فى شخصى طوال حياتى فى السياسة عونى على الشدائد وظهرى فى العيش، وسأظل ما بقى من عمرى ملكاً لهذا الشعب الوفى، ولن تستطيع قوة أن تنحينى عن هذه المكانة بعد الله جلت قدرته إلا الشعب دون سواه.. والله ولى التوفيق».

وعلى الرغم من استجابة الوفد لهذا القانون، فتنحى النحاس لأول مرة عن رئاسة حزب الوفد، واكتفى بأن يكون رئيساً فخرياً له، واعترض قادة ثورة يوليو بدعوى أن بقاء النحاس على رأس الوفد مخالف لقانون تنظيم الأحزاب.

يعد ذلك فى أبريل 1954 أطلق ما يمكن تسميته «قانون مصطفى النحاس» الذى نص على حرمان أى شخص تولى منصباً وزارياً خلال فترة ما قبل 23 يوليو وكان منتمياً لـ«الوفد» أو الأحرار الدستوريين أو الحزب السعدى، من ممارسة العمل السياسى، وبالطبع كان النحاس على رأس المعاقبين بمقصلة هذا القانون.

وعلى هامش هذا التباين المتصاعد، كما يقول عبدالرحمن الرافعى فى كتابه «ثورة 23 يوليو»، تصاعد خلاف آخر بين عبدالناصر ومحمد نجيب، بل على إثره أرسل الأول الدكتور طه حسين، وزير المعارف فى آخر حكومة ترأسها النحاس باشا قبل الثورة، وطلب منه أن يعلن النحاس تأييده لناصر إلا أن زعيم الوفد رفض، فأدرك البكباشى أن الساحة لا تتسع لزعيمين، وعلى واحد منهما فقط أن تلقى عليه الجماهير الورد خلال سيره بالشارع.

خرج هذا التوتر سريعاً إلى العلن، قرر بموجبه عبدالناصر أن يتقدم خطوة إضافية وقدم لمحمد نجيب كشفاً بأسماء بعض الزعماء السياسيين الذين اعتبرهم «خطراً على النظام» وطالب بضرورة اعتقالهم، ولما كان سجن زعيم شعبى كالنحاس أمراً مستحيلاً، فاكتفى بطلب تحديد إقامته، وهو ما رفضه نجيب فوراً، ولم يوقع الكشف إلا بعد إزالة اسم زعيم الوفد منه، فكانت أحد أسباب تقديم نجيب لاستقالته فى فبراير 1954 وهى الفعلة التى تراجع عنها عقب اندلاع المظاهرات فى مصر والسودان.

يتردد أن عبدالناصر كان يعتقد أن مصطفى باشا النحاس واحد من أولياء الله الصالحين، لذا فإنه لا يمكنه أن يحاكمه أبداً لأن من «يأتى عليه لا يفلح».

يقول خالد محيى الدين فى مذكراته: «أكثر محمد نجيب من جولاته الجماهيرية وتقرب إلى النحاس، وحاول أن يكون نسخة محسنة من مصطفى النحاس، ما أكسبه شعبية واسعة وهو الأمر الذى أثار القلق لدى جمال عبدالناصر وباقى أعضاء مجلس قيادة الثورة، وردد صلاح سالم كذباً أن بعض السياسيين القدامى يتعاونون مع أمريكا من أجل إعادة الملك فاروق مجدداً، وادعى أنه يملك وثيقة تثبت هذا الكلام، فتقرر تشكيل «محكمة الثورة» التى تشكلت من بغدادى وحسن إبراهيم وأنور السادات، وتم ضبط إبراهيم عبدالهادى، وإبراهيم فرج وكانت هناك محاولة لتقديم النحاس لذات المحاكمة لكنها لم تنجح».

صحيح أن خليفة النحاس نجا من «بهدلة القضبان» إلا أنه بقى سجين داره محدد الإقامة، علاوة على انطلاق حملات تشهير عنيفة ضده وضد زوجته زينب الوكيل.

محكمة الثورة زجت بمعظم قيادات الوفد فى السجون بتهم باطلة، وبعد انتهاء الأزمة والإفراج عن المعتقلين، وإلغاء تحديد إقامة الزعيم مصطفى النحاس، أراد محمد نجيب أن يتأكد بنفسه من تنفيذ قرارات الإفراج، فاتصل بالنحاس، وقال له: «لعلك راضٍ الآن يا رفعة الرئيس» فأجابه النحاس: «راض عن إيه؟! فأنتم أفرجتم عن كل الناس بينما ضُوعفت الحراسة عليّ» فرد نجيب مطمئنا إياه «إن شاء الله سيزول هذا الغبار».