عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

تأملات

أعاد حديث الإعلامى أحمد موسى ضمن برنامج على مسئوليتى مساء الثلاثاء إلى ذاكرتى الحالة التى كانت عليها أوروبا فى العصور الوسطى والتى نتيه معها نحن العرب والمسلمون فخرا بأنه فى الوقت الذى كان الأوروبيون فيه يعيشون فى ظلام، فإننا كنا نعيش فى نور.. نور فكرى وعقلى. فقد راح موسى فى برنامجه يشير إلى أن أوروبا حاليا تعيش فى ظلام حيث تم تخفيض الكهرباء داخل الدول الاوروبية حسبما قال بنسبة 15 فى المائة وتم إطفاء الأنوار عن جميع المعالم التاريخية فى فرنسا وألمانيا وبلجيكا وأصبحت ظلامًا.

ومن منظور مقارن يدعونا "موسى" إلى أن نحمد ربنا على ما تم فى بلدنا وجعلنا لا نعانى من مثل تلك المشكلة حيث إن الدولة المصرية لديها اكتفاء من الغاز والكهرباء. كلام أحمد موسى فى جانب منه صحيح حيث تعانى أوروبا من أزمة طاحنة على وقع وقف روسيا لإمدادات الغاز بسبب تداعيات الحرب فى أوكرانيا وهو ما ينذر بشتاء جليدى هناك، ويلقى بتأثيره على كافة جوانب الحياة هناك وليس على الأنوار والإضاءة فقط.

لكن حديث موسى فيه ما يمكن القول بأنه تبسيط مخل للأمور.. هو أقرب مع تبسيط آخر مخل من جانبنا لكى نبادل موسى تبسيطا بتبسيط، بأن ندعو المواطن المصرى مع حدوث زلزال فى اليابان لأن يحمد ربنا لأنه يسكن فى بلد ليس فيها زلازل، مع أن العيش فى اليابان ممكن يكون حلمًا عندى وعندك.

من ناحيتى أعتقد أن المواطن المصرى يلمس حجم الطفرة التى حدثت فى القطاع الذى يتحدث عنه موسى وهو الكهرباء بما غير وضعنا من حال إلى حال آخر تمامًا، ولم يكن هذا المواطن ينتظر ظلام أوروبا لكى يلمس بنفسه حجم ما تم رغم حقيقة مبدأ أنه بالمقارنة تبدو الأشياء جلية وأكثر وضوحًا.

لكن الأزمة التى جعلت أوروبا تعود للقرون الوسطى معنويا وليس فعليا هى أزمة عالمية بالأساس ونعانى نحن فى مصر جانبا من ويلاتها. أوروبا تعانى فى الكهرباء ونحن نعانى فى القمح. ليس ذلك فقط بل بمنطق العولمة وأن العالم أصبح قرية صغيرة فإن مصر رغم حالة الوفرة فى الكهرباء راحت تتخذ قرارا بالغ الأهمية يماثل الحالة التى تعيشها أوروبا وهو تخفيض مستويات الإنارة فى الميادين والشوارع وفى المبانى الحكومية والمولات التجارية، فى عملية تكاملية مع أوروبا لتزويد الأخيرة بالكهرباء من أجل توفير عملة صعبة تمكن الدولة من مواجهة أوضاع صعبة أخرى فرضتها ذات الأزمة – أوكرانيا – إلى جانب سابقتها وهى أزمة كورونا.

ما نريد قوله بأن المواطن فى مصر رغم الظروف غير المواتية التى يعيشها يشعر بقدر من الرضا غير قليل عن حياته، وأن المشكلة بالنسبة له ليست آنية وإنما هيكلية. بمعنى أن تراجع معيشتنا لا يعود إلى أزمة مثل أوكرانيا، فذلك ليس سوى عرض للأزمة، إنما مشكلتنا أن حركتنا نحو التقدم والنهضة معاقة منذ أكثر من قرنين، هى مشكلة هيكلية لا ترتبط بالأساس بنظام حالى أو حتى سابق، والمساحة ليست متاحة هنا للتفصيل. إنها مشكلة مزمنة. فيما أنها بالنسبة للمواطن الأوروبى الذى يصعب علينا حاله الآن مشكلة طارئة وليست هيكلية، فقد جاوزت بلاده عتبة النهضة، منذ قرون، وأما المنغصات الآنية فهى ملح الحياة البشرية وجزء من طبيعتها وسرعان ما سيتم التعاطى معها. ذلك هو الفهم الذى نتصور أننا يجب أن نتعامل به مع ظلام أوروبا و«نورنا»!

[email protected]