رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

الناصية

عبقرية الفنان فى تمكنه من إبداع فن يعيش من جيل إلى جيل.. وكأن فنه يولد كل يوم من جديد.. فالبقاء للفن الحقيقى، والفناء للفن المزيف. وكل فن يفشل فى الصمود أمام عوامل الزمن.. هو فن فاشل يحمل أسباب موته بداخله، وينتهى بمجرد الانتهاء منه، وينساه الناس كما لو أنه لم يولد أصلا!

منذ قديم الزمن تفنن الإنسان بالنقش على الأحجار والرسم على الجدران، وأطلق صيحاته الأولى للتغنى بلحظات الفرح أو الحزن.. لم تبق من هذه الفنون سوى الأصيلة منها لتتوارثها الأجيال، واندثرت الفنون الرديئة وكأنها لم تكن.. فلازالت الفنون المصرية القديمة مدهشة وقادرة على البقاء.. وكذلك الأعمال الإغريقية مثل الملحمتين الإلياذة والأوديسا للشاعر هوميروس.. نفس الشىء يقال عن الموسيقى الكلاسيكية، ومسرحيات شكسبير، والقصائد العبقرية للشعراء العرب من أول عنترة بن شداد، وامرؤ القيس والمتنبى والمعرى.. وحتى أمل دنقل!

ولازالت أم كلثوم.. ومعها كل عباقرة الشعر الذين تغنت بكلماتهم، ومبدعى ألحان أغانيها أحياء بيننا كأنهم لم يموتوا.. يعيشون ونعيش معهم أجمل الأحاسيس الانسانية الراقية، وأنقى المشاعر الوطنية.. وكذلك عبد الوهاب وعبد الحليم وفايزة وشادية وصباح وفريد الأطرش.. وبيرم التونسى، ومرسى جميل عزيز، وبليغ حمدى، ومحمد الموجى.. عشرات المبدعين التى لازالت أعمالهم باقية لأنها أصيلة وحقيقية ولم يتاجروا بها ولم يحولوها إلى سلع تباع وتشترى لكل من يدفع أكثر!

الآن.. من النادر أن تقرأ أو تسمع أو تشاهد عملًا فنيًا يصمد أكثر من أيام.. وللأسف الأعمال الفنية الرديئة هى السائدة فى ظل غياب الاعمال الحقيقية.. وفى عالم الغناء على سبيل المثال يوجد مطربين ولا توجد أغانى.. وعشرات الحفلات ولا أحد يعرف ماذا يغنون فيها.. ولكل مغنى أغنية واحدة أو اثنتين بالكثير عرفه الجمهور من خلالهما فى بداية حياته الفنية.. ثم لا شىء بعد ذلك مع أنه لازال يغنى عشرات الأغانى ولكنها تنتهى بمجرد الانتهاء منها ولا يتذكرها الجمهور مرة أخرى!

والآن.. أخبار الفنانين وصورهم أكثر من أغانيهم.. وأخبار خلافاتهم الزوجية والطلاق والانفصال والضرب والشتائم والمحاضر بأقسام البوليس أكثر من أخبار أعمالهم الفنية ومشاكلهم مع الشعراء أو الملحنين أو المخرجين.. فهل يأتى يومًا عليهم يقيمون حفلاتهم فى النيابات أو ساحات المحاكم أو السجون..؟!

وأعتقد أن السوشيال ميديا أضرت بالفنانين ولم تفدهم.. وأظهرت فضائحهم أكثر مما أظهرت مواهبهم.. ومنذ أن تولى الفنان نشر أخباره وصوره بنفسه على صفحته فى انستجرام أو تويتر أو الفيسبوك أساء إلى نفسه قبل أن يسئ إليه غيره، وصارت مشاكل الفنانين النفسية والحياتية وتلاسنهم وتبادل الشتائم مع زملائهم أكثر من أخبار وصور أعمالهم الفنية.. وقبل ذلك كانت الأخبار الصحفية والصور المصاحبة عن هذه الفنانة وذاك الفنان يراجعها أكثر من صحفى ويصححها أكثر من مسئول تحرير قبل نشرها فى الجريدة أو المجلة ليراها الجمهور!

وأتذكر بعد المشادة الشهيرة بين عبدالحليم حافظ وبعض الجمهور فى حفل أغنيته الأخيرة قارئة الفنجان، عاتب الكاتب أنيس منصور الفنان عبد الحليم وحمله مسئولية ما حصل بينه وبين الجمهور ليلتها، لأنه سمح للجمهور فى حفلاته السابقة أن يهلل ويصفق ويصفر ويهتف «بص شوف حليم بيعمل إيه».. ووافق عبد الحليم بكل شجاعة على رأى أنيس منصور.. بينما حاليا الكثير من الفنانين يتبادلون الكثير من الشتائم مع الجمهور علناً، ويقدمون فى الخفاء القليل من الفن!

[email protected]