عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

تأملات

هذه ليست سوى خواطر تستدعيها حالة التأمل من بعيد فيما يجرى حولنا على صعيد الأوضاع الدولية، والتأمل من قريب فى بعض شئوننا الخاصة. وهى خواطر قد تصل بنا حال المقارنة التى قد تكون تلقائية إلى نتائج بالغة الأهمية لا شك قد يكون لها تداعياتها ليس فقط على رؤيتنا لطبيعة العالم الذى نعيش فيه وإنما على السلوك الواجب التعامل به تجاه هذا العالم.

فعلى مدى الأيام القليلة الماضية قامت الدنيا ولم تقعد، بعد بسبب زيارة نانسى بيلوسى رئيسة مجلس النواب الامريكى إلى تايوان، والتى اعتبرت فى نظر العديد من المراقبين بمثابة صفعة على وجه بكين.

اللافت للنظر هو رد فعل الصين القوى والذى اعتبر الزيارة بمثابة انتهاك لسيادتها، وسط تهديد باتخاذ بكين جميع الإجراءات لحماية سيادتها وسلامة اراضيها، بل والتصعيد من لغة الخلاف إلى حد الإعلان عن القيام بمناورات عسكرية تنذر حال تطور الموقف بعواقب وخيمة.

ليس ذلك فقط بل إن روسيا، وفى تناغم لافت للنظر مع الموقف الصينى، راحت على لسان عضو بمجلس الدوما الروسى، تشير إلى أن واشنطن بموقفها ذاك تستفز الصين للدخول فى صراع معها بما يهدد بإشعال حرب عالمية ثالثة.

إنه صراع الكبار -زيارة مسئول- بغض النظر عن نتائجها الحقيقية على الأرض، وإنما بالنظر إلى دلالاتها، تهدد بإشعال النظام الدولى. على المنوال ذاته كانت روسيا قد سبقت الصين فى سلوك الموقف ذاته، حين راحت تعتبر محاولة الغرب ضم اوكرانيا إلى نفوذه بمثابة تهديد لأمنها القومى، ما استدعى حربا تأكل الاخضر واليابس وتلقى بتأثيراتها وما زالت على البشرية فى مختلف اركان الكرة الأرضية.

إذا استدعيت الموقفين الروسى والصينى بشأن قضية مثل ازمة سد النهضة، فلك ان تعجب كل العجب وستوقن ان النظام الدولى -وهذه سمة العلاقات الدولية منذ الأزل- إنما يفتقد الإنصاف فى الرؤى ويتعامل بمنطق واحد ووحيد وهو القوة. تخيل قضية مصيرية مثل مياه النيل والتى يعتمد وجود مصر والمصريين عليها تجد مثل تلك السلبية واللامبالاة من قبل دولتين رئيسيتين فى العالم، بل إن المندوب الروسى فى مجلس الأمن راح يعبر عن تبرمه مما اعتبره تلويح مصر بالقوة -وهو أمر لم يتم- للتعامل مع الأزمة. فيما راحت بكين، تسلك سلوكا رماديا، على غرار الذى تتخذه فى الازمة الاوكرانية، بمساندة اثيوبيا فعليا ومحاولة الظهور بمن يدعو لحل الازمة من خلال المفاوضات.

النتيجة هى ان أوهاما كثيرة فى اذهاننا يجب ان تخرج لتجد طريقها إلى الهواء الطلق، ليبقى عقلنا صافيا خاليا من الخيالات بشأن ان تلك الدولة أو ذاك تساند موقفنا لأنه الحق، أو انها تنتهج موقفا مخالفا لأنها تعادينا. هى لغة المصالح بلا شك، وهى لغة تفرض أن تكون منطقنا فى التعامل مع الآخر.

مرة اخرى اذا تأملت ما يجرى ستجد اننا كعرب وفى إطار تعاطينا مع قضايانا مع العالم الخارجى، نقدم أو نحاول أن نبدو وكأننا نقدم البعد الاخلاقى فى التعامل مع الغير، وهو نمط إما يعبر عن عدم فهم لطبيعة السياسة الدولية، أو أن هناك فهما لهذه الطبيعة -وهذا هو الاحتمال الأكثر ترجيحا- ولكننا نشعر بعجزنا عن التعامل معه بلغته.. لغة القوة.. لا لشىء إلا لأننا نفتقد مقومات تلك اللغة.. وهذه هى الطامة الكبرى!

[email protected]