عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

تأملات

إذا كانت الحياة مزيجا متكاملا من الفرح والحزن، فقد عشت الأسبوع الماضى لحظات متباينة اختلطت فيها تلك المشاعر، وإن توحدت النتيجة التى تعبر عنها تلك اللحظات، وهى أن الحب هو الجائزة الكبرى التى يمكن للإنسان -أى إنسان- أن يفوز بها، وهو الأمر الذى بدا لى على أروع ما يكون فى الاحتفاء بالزميلة نرمين حسن، ووداع الصديق يسرى شبانة.

فقد كنت، كما كثير من الزملاء على موعد الأربعاء قبل الماضى، لتكريم الزميلة نرمين رئيس قسم الأخبار، بمناسبة تقاعدها، رغم أن الأمر أصبح تقليدا يكاد أن يختفى تحت ضغوط الحياة وانشغالنا بهمومنا الشخصية. غير أن الأمر مع نرمين كان له نكهة أخرى. ما غمرنى فرحا وسعادة ذلك المشهد الذى رأيته خلال الاحتفال الذى تحول إلى مظاهرة حب للزميلة نرمين. كان احتفالا استثنائيا لا يعبر عن شىء سوى المشاعر النبيلة التى يكنها كل من ينتمى لجريدة الوفد لها، لقد كسر المشاركون كل قواعد الاحتفال الذى تحول وبكل عفوية الى فرح بلدى بزغرودة انطلقت دون ترتيب وبتلقائية شديدة من إحدى حاضرات الاحتفال.

وما بين سعادة المشاركين بالاحتفاء بزميلة تغادرهم بعد رحلة عمل لعقود، وما بين دموع البعد والأحضان الدافئة من الزميلات لنرمين كانت الأجواء تشيع حالة من البهجة والطمأنينة بأن الدنيا لسه بخير.

لم نكد نفيق من هذه الحالة حتى كان رحيل الصديق يسرى مدير التحرير السابق الذى فجر كل طاقات الحزن لدى أصدقائه وتلاميذه ومحبيه بالجريدة، فكانت جنازته بمثابة مسيرة حزن على صديق لم يتوان عن أن يقدم كل ما يستطيع من جهد، ليكون كما قال البعض إخلاصا للعمل يمشى على الأرض.

وإن تعجب فلك أن تعجب من أن يتحول مقر ثلاجة الموتى بمستشفى الهرم التخصصى، حيث جثمان الراحل قبل نقله إلى مثواه الأخير، الى مقر مؤقت لجريدة الوفد بشكل ربما فرض التساؤل لدى البعض، هو كيف ستخرج الجريدة للقارئ فى اليوم التالي، وهو التخوف ذاته الذى اذكر أنه انتابنى يوم وفاة الراحل مصطفى شردي. فبذات عفوية الحب التى بدت فى الاحتفاء بنرمين، كانت العفوية فى توجه الجميع بالجريدة دون استثناء إلا من لم يسمع بالخبر للمشاركة فى اجراءات دفن الصديق يسري. ورغم الحر القائظ والوقت الطويل الذى يستغرقه التعامل مع الأمر، ما استلزم كميات غير طبيعية من المياه لمواجهة عطش الحاضرين، إلا أن المذهل أن الجميع ظل مرابطا دون كلل أو ملل لكى يودع زميلا وصديقا لم يكن يربطه والمحيطين به فى العمل الذى تركه منذ سنوات سوى رابطة الحب. 

كانت أشد اللحظات قسوة تلك التى خرج فيها نعش يسرى عليه رحمة الله من الثلاجة إلى عربة نقل الموتي، وهى لحظة طار فيها عقل الحضور وانتابت الكثيرين حالة هستيرية من البكاء بعد التيقن من أن الرحيل أصبح حقيقة!

ما بين الاحتفاء بنرمين ووداع يسري، تذكرت مصطلح «الرأسمال الرمزي» الذى ذكره لى الراحل المستشار طارق البشرى، حينما طلبت منه كتابة تقديم لكتاب اصدرته بمناسبة رحيل الصديق عادل القاضي. الرأسمال الرمزى  نعمة من الله ربما لا يراها الكثيرون، فما تحققه فى مسيرة حياتك ليس فقط كم الثروة أو الراحة المادية، وإنما هناك نوع آخر من رأس  المال هو الحب.. حب من يحيطون بك ليس لمنصب أو جاه أو منفعة وإنما الحب فى الله. تستطيع أن تحقق الكثير ماديا ولكنك لن تستطيع أن تنتزع زغرودة حب من زميلة فى مناسبة تقاعد، تستطيع أن تجمع الملايين ولكنك لن تستطيع أن تنتزع آهة أو دمعة حزن حقيقية لدى رحيلك. متعك الله بالصحة يا نرمين.. وأسكنك الله فسيح جناته يا يسري.

 

[email protected]