عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

تأملات

من خلال تحقيق مهم من القاهرة للصحفية فتحية الدخاخنى سلطت جريدة "الشرق الأوسط" الضوء على قضية بالغة الأهمية تتعلق بمن له سلطة تشكيل اتجاهات الرأى العام فى مصر؟ وأشار التحقيق عن حق إلى ما وصفه بـ«أولويات مصطنعة» انشغل بها المصريون على مدار الأسبوع الماضى ومن بينها غفوة أبو الهول، وكذا ما وصفته الصحيفة بترند «ملابس التايجر» الذى صاحب طلاق الفنانة ياسمين صبرى من رجل الأعمال أبو هشيمة (ليس لدى إلمام بالمقصود ولن أهتم!)، وكذا جواز الترحم على شيرين أبو عاقلة بعد إشارات لديانتها المسيحية. وأضيف من عندى واقعة مدرسة الأحياء والبودى جاردات التى احتلت حيزا غير قليل من اهتمام المصريين وسط تساؤلات وحالة من الاستغراب ما أدى إلى تحرك الشرطة والقبض عليها.

فى التحقيق أشار المشاركون فيه إلى ما اعتبروه الرغبة فيما وصفوه بركوب الترند على وسائل التواصل الاجتماعى الأمر الذى يؤدى إلى إغفال أى اعتبار آخر، فضلا عن أدوار مشبوهة لجهات مختلفة تسعى لتعزيز مثل ذلك التوجه. وإذا كان الأمر يبقى هدفا مفهوما، وإن كان غير مقبول، من شخص عادى فإن التساؤل يدور حول انجرار وسائل الإعلام إلى متابعة مثل هذه التوجهات ونشرها. الإجابة أشار إليها أحد من أدلى برأيه فى التحقيق المشار إليه بأن وسائل الإعلام أصبح هدفها اللحاق بالترند، حتى لو كان غير منطقى كقصة أبو الهول، أو مصطنعًا كقصة الترحم على شيرين أبو عاقلة، فالإعلام يعتبر نفسه مقصرًا لو لم يتابع الترند.

إذا كان لذلك من دلالة فهو تراجع أو انحسار سلطة الإعلام، أيا كانت صحافة.. ورقية أم إلكترونية، أم إعلاما فضائيا فى تشكيل الرأى العام وتحوله – الإعلام– هو نفسه إلى تابع، وتلك قضية بالغة الأهمية، بل والخطورة، أتصور أنه ينبغى توجيه المزيد من الاهتمام لها.

ليس تقليلا من شأن أحد القول بأن فى تلك الأولويات المصطنعة -وهو تعبير بالغ الدقة فى وصف الحالة التى نواجهها- تعبيرا عن نوع من التفاهة والسطحية من المخجل أن يكونا سمة قطاع لا شك أنه مؤثر فى صياغة وعينا وتشكيل اتجاهاتنا تجاه العديد من القضايا المهمة، وعلى رأسها فى مجال حديثنا قضية اغتيال شيرين أبو عاقلة. وبغض النظر عن المصدر الأصلى لترويج أو التذكير بديانتها وما إذا كان مصدرا عبريا أم عربيا، فقد أضاع الجدل حول هذا الأمر الكثير من الدلالات الرمزية والمهمة بشأن تلك العملية. ونجح إلى حد ما فى صرف الانتباه عن بشاعة سياسات الدولة العبرية وعن خطورة ومأساوية وضع الصحفيين هناك – بعيدا عن حال الفلسطينيين فتلك قضية أخرى.

لقد دعا ذلك بالبعض إلى البحث فى دور وسائل التواصل الاجتماعى باعتبارها نوعا من الإعلام البديل – وهى كذلك بالفعل – فى ضوء ما تقوم به من فاعلية فى تسليط الضوء على الكثير من القضايا، بل وقيام شخصيات باعتبارها منصات لبث مظالم وفى أحيان أخرى القيام بعمليات انتقامية على خلفيات شخصية وهو ما يعزز من فاعليتها وأهميتها ولا يقوضها.

مؤدى ذلك فى حدود هذه السطور الضيقة أن وسائل التواصل تلك أصبحت نوعا جديدا من الإعلام البديل ولكنه إعلام أصفر على غرار الصحافة الصفراء سيئة السمعة. وكل المطلوب هو ترشيدها ودفعها فى اتجاه مزيد من الرصانة والعقلانية، ليس بالقوانين وإنما بزيادة جرعة الوعى لدى المواطنين بالوسائل المختلفة حتى تكون بحق إعلاما يعبر عن رقى المجتمع وليس تدنيه.

[email protected]