عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

تأملات

هذه ملاحظة أتصور أنها يجب أن تخضع للبحث والدراسة، ونتائج مثل هذا البحث أو الدراسة ستكون لها فى تقديرى دلالات عديدة بغض النظر عن الجانب الذى ستقف فيه وتعززه تلك الدلالات. تتعلق الملاحظة بالحالة السكانية فى مصر مقارنة بنظيرتها فى إسرائيل. هناك رؤية فى العالم العربى بشكل خاص، وفى القلب منه مصر، بخلاف بقية العالم بأن الزيادة السكانية شر محض. لن أناقش الأمر هنا من زاوية دينية انطلاقا من تلك الرؤية التى يسوقها البعض اعتمادا على حديث ينسب إلى النبى (ص) يقول منطوقه: تكاثروا تناسلوا فإنى مباهٍ بكم الأمم يوم القيامة، وإنما انطلق فى المناقشة من نظرة على محيطنا الإقليمى وعينى على إسرائيل. استبعد هنا الإطار الأوروبى أو الغربى وهو يصب فى ذات الخانة التى تشير إليها الحالة الإسرائيلية وإن كان على نطاق ومستوى مختلف ومغاير.

بشكل أكثر تحديدا وبعيدا عن التعميمات التى يكسوها قدر من عدم الوضوح أشير إلى أن الإحصائيات الرسمية تكشف عن أن عدد سكان إسرائيل تزايد عشر مرات منذ عام 1948، وفى حين أن هذا العدد كان يقدر بنحو 806 آلاف مع بداية إعلان قيام الدولة العبرية، فإنه قدر عام 2020 بنحو ثمانية ملايين نسمة شكل اليهود نحو 6.87 مليون نسمة من إجمالى هذا الرقم. وتشير التوقعات إلى أن هذا الرقم بحلول مئوية تأسيس إسرائيل فى 2048 سيصل إلى 15.2 مليون نسمة منهم 11 مليون نسمة يهودى. ويبقى من الأرقام الدالة فى هذا الصدد معرفة أن هذا العدد من السكان يقيم على مساحة 20.770 كم2 هى مساحة إسرائيل داخل الخط الأخضر، أو 22.072 كم2 تتضمن مرتفعات الجولان والقدس الشرقية.

على صعيد مصر فإن الأرقام تكاد تكون معروفة للكل حيث قدر عدد السكان فى عام 2020 بنحو 102 مليون نسمة وهى تعتبر من أكبر الدول على مستوى العالم من حيث الزيادة السكانية، وهى زيادة فى المنظور العام تلتهم حصاد عمليات التنمية. ومن المتوقع أن يصل هذا العدد إلى نحو 160 مليون نسمة عام 2050 يعيشون على مساحة تقدر بنحو مليون كيلو متر مربع وإن كانوا يتركزون فى شريط ضيق لا يمثل سوى 7% من مساحة البلاد.

اللافت للنظر أنه رغم ضيق مساحة الكيان الإسرائيلى فإنه يتسابق على توسيع نطاق سكانه بشكل يلجأ معه إلى ما يمكن وصفه باستيراد سكان من الخارج فى شكل هجرة لليهود من باقى أنحاء العالم، حتى وإن اضطر إلى إسباغ تلك الصفة على من هم ليسوا يهوداً من الأصل! على الجانب الآخر فإنه رغم مساحة مصر الشاسعة، فإن هناك حالة من التبرم تقوم على أسس منطقية بالطبع من عملية الزيادة فى عدد السكان.

ربما تجد هذه المفارقة تفسيرها فى أن إسرائيل كيان غير طبيعى يمثل عملية اسيتطان تسعى إلى فرض وجودها حتى لو كان من خلال سياسات تغاير المنطق الطبيعى للأمور، فيما أن مصر كيان طبيعى يضرب بطبيعيته فى عمق الزمن، وأنه على هذا الأساس يتعامل مع التطورات فى أحوال البشر وفق ما تفرضه قواعد العقل.

غير أن الدرس الذى ربما تفرضه تلك المفارقة يتمثل فى التساؤل حول ألا يمكن التكيف مع فكرة الزيادة السكانية وتحويلها من عامل سلبى إلى إيجابى خاصة فى ضوء حقيقة أن محاولة مواجهتها فشلت على مدار عقود وعلى يد أنظمة سياسية مختلفة؟ سؤال ربما يبدو ساذجاً، وهو كذلك، لكن تجارب التاريخ ونهوض بعض الأمم تعلمنا أن بعض التقدم إنما تحقق بفضل شىء من السذاجة أحياناً!

[email protected]