رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

الناصية

قال وهو ينظر إلىّ.. إنى لا أخاف الموت ولكن أتمنى أن يكون سريعًا.. فقلت له ساخرًا، وأنا لا أستطيع النظر فى عينيه، حتى لا يرى الحزن الذى يملأ قلبى، سوف تشيّعنا جميعًا واحدًا وراء الآخر.. ولكن صديق عمرى الكاتب الصحفى «علاء عريبي» خيب ظنى ومات قبلنا وترك فى قلوبنا برحيله جرحًا عميقًا بعمق صداقتنا!

كنت أقول له دائما.. أنت الباحث المجتهد الذى خسره العلم وكسبته الصحافة، وأعتقد أن العبارة كانت تستهويه، فهو يميل إلى البحث والدراسة، ولذلك كان يحرص على جمع المعلومات ويقرأ العديد من الكتب قبل أن يناقش أية قضية فى تحقيق صحفى، أو إجراء حوار مع مفكر أو أديب.. ولم يلجأ يومًا إلى طرح الأسئلة السهلة المحفوظة مع كل حوار، بل كان يتجول فى المكتبات ليشترى بكل ما يملك فى جيبه من كتب المبدعين فى مجالات الفكر والأدب، ليقرأ ويفحص فيها قبل ان يجلس معهم ويحاورهم.. ولذلك ظل طوال فترة عمله كمحرر ثقافى، محققًا نابهًا ومحاورًا ذكيًا، لا يهمه الأشخاص ولكن تهمه القضايا التى يناقشها ويطرحها ليستفيد القارئ ولا أحد سواه!

وبعد سنوات من العمل الصحفى، والخبرة الطويلة، ظل كذلك علاء عريبى فى عموده الصحفى اليومى «رؤى» فى «الوفد» هو نفسه المحرر الشاب الباحث عن الحقيقة، الذى يجرى وراء المعلومات والحقائق قبل أن يطرح هموم ومشاكل الناس، ببساطة ويسر وبدون استعراض لعلاقاته بهذا المسئول أو ذاك.. أو الاستفادة الشخصية من وراء ما يكتب بل العكس كان يخسر علاقات كثيرة، ولذلك لم تستطع وزارة أو جهة أن تستميله ليكون معها على حساب الناس وقضاياهم ومشاكلهم، لأنه كان صادقًا وأمينًا مع من يكتب لهم وعنهم ولهذا ظل يحظى باحترام الجميع!

وعلاء عريبى.. واحد من الصحفيين القلائل الذين انشغلوا بقضية التراث، بصدق وأمانة، وقد دفع الكثير من جهده ووقته وماله لكشف لصوص التراث والذين حصلوا على درجات الماجستير والدكتوراه برسائل علمية، هى فى الأصل مسروقة من كتب قديمة، لمحققين آخرين.. وظل فترة يصارعهم فى المحاكم، فقد كان صلبًا وعنيدًا فى الحق!

وعلاء عريبى.. من أبرز الصحفيين الذين اسسوا صفحات عن التراث فى الصحافة المصرية والعربية، مع أن مناقشة قضايا التراث تعتبر مادة ثقيلة على قارئ الصحف، وكذلك على معظم رؤساء التحرير، لأنها تناسب الدارسين والباحثين والمهتمين أكثر من قراء الصحف، ولكنه استطاع طرح قضاياه واشكالياته بسهولة ويسر، وبذل فى ذلك جهودًا كبيرًا لتبسيطها للقارئ.. فقد أسس صفحة التراث لصحف «الحياة» اللندنية، ولصحيفة «الرياض» السعودية الذى ظل يحررها لمدة أربع سنوات، وشارك فى تأسيس العديد من المجلات والصحف الثقافية، منها مجلة « القاهرة» عام 1985 برئاسة تحرير الأديب الراحل عبدالرحمن فهمى، ثم شارك فى تأسيس صحيفة «القاهرة» الأسبوعية برئاسة تحرير الكاتب الصحفى صلاح عيسى.

ولكن تظل مؤلفات علاء عريبى هى الأهم فى مسيرته البحثية والصحفية، فقد بذل جهدا بحثيًا وفكريًا كبيرًا وطرح من خلالها قضايا دينية وأنثروبولوجية مهمة، ومنها «مفهوم الصعلكة فى المجتمع القبلي»، «عذاب القبر من الفراعنة حتى محمد»، «السرقات فى كتب تحقيق التراث»، «الديوان المنحول للإمام على بن أبى طالب»، «قبر يوسف النبى بين الشواهد الأثرية والمرويات الدينية»، «البكورية فى المجتمع التوراتي»، «مفهوم النبوة عند بنى إسرائيل»، «عمود راحيل فى النصوص التاريخية».. وأدعو وزيرة الثقافة الفنانة إيناس عبدالدايم، إلى تبنى إعادة طباعتها من خلال هيئة الكتاب.. وأن توجه مسئولى هيئة قصور الثقافة بسرعة اصدار أحدث مؤلفات الراحل، وهى حبيسة الادراج لديهم، وقد بذل فيها مجهودًا كبيرًا رغم معاناته مع المرض اللعين.. وهذا أقل شيء يمكن أن نقدمه لفقيدنا الكبير «علاء عريبي» رحمه الله.

[email protected]