رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

بين السطور

 

 

 

عندما أعود إلى مصر سأقدم لبلادى خدمات جليلة فى هذا الميدان، وسأخدم قضية السلام، ولو كان فى مصر معمل مثل المعامل الموجودة هنا كنت أستطيع أن أعمل أشياء كثيرة. وفى آخر رسالة بعثت بها لوالدها قالت: استطعت أن أزور المعامل الذرية فى أمريكا.

كانت هذه الكلمات من سطور الرسالة الأخيرة التى أرسلتها عالمة الذرة المصرية سميرة موسى لأسرتها بالقاهرة قبل اغتيالها حسبما نشر فى وسائل الإعلام والصحف ودون فى الأوراق عقب اغتيالها، هذه الكلمات كانت نابعة من قلب عالمة الذرة المصرية النابغة التى تحل ذكراها هذه الأيام.

فمنذ 105 أعوام كان ميلاد الشهيدة الدكتورة سميرة موسى أول عالمة ذرة مصرية وعربية اغتالتها يد الغدر والخسة. وقد تميزت وهى تلميذة بنبوغها المبكر فى كل مراحل تعليمها، تخرجت من كلية العلوم بجامعة فؤاد الأول سنة 1939 بتقدير امتياز مع مرتبة الشرف، وكانت الأولى على دفعتها، كانت أول معيدة يتم تعيينها بإصرار من عميد الكلية العالم العالمى الكبير مصطفى مشرفة الذى كان له فضل كبير فى مشوارها العملى إيمانا منه بنبوغها وتفوقها وإصرارها على أن تكون لها أبحاث مهمة.

حصلت بعد ذلك على الماجستير بامتياز فى التواصل الحرارى للغازات. ثم سافرت إلى بريطانيا فى بعثة لمدة 3 سنوات وحصلت على الدكتوراه فى أقل من عامين فى الأشعة السينية وتأثيرها على المواد المختلفة، فكانت أول طالبة مصرية تحصل على الدكتوراه. لقد كتب أستاذها البريطانى البروفيسور فلينت الذى درست على يديه فى إنجلترا خطاباً رسمياً إلى الجامعة المصرية قال فيه: تجارب سميرة قد تغير وجه الإنسانية لو أنها وجدت المعونة الكافية.

 واستغلت الفترة المتبقية من البعثة فى دراسة الذرة وإمكانية استخدامها فى العلاج والأغراض السلمية. وامتد اهتمامها ونبوغها فأجادت العزف على العود وكتابة النوتة الموسيقية، وبرعت فى فن التصوير والطبع والتحميض الذى خصصت له معملًا صغيرًا فى بيتها، وأتقنت فن التريكو والحياكة وكانت تقوم بتصميم ملابسها وحياكتها بنفسها. وحرصت على تكوين مكتبة كبيرة تضم كتبًا متنوعة فى الأدب، والتاريخ، والسير الذاتية.

 ولأن الذرة آنذاك كانت سر الأسرار. ولتفوقها العلمى وجهت إليها دعوة من برنامج فولبرايت لزيارة الولايات المتحدة الأمريكية عام 1951، وأتيحت أمامها الفرصة لزيارة المعامل النووية فى جامعة سان لويس فى ولاية ميسورى الأمريكية لأجل إجراء أبحاث فى معاملها، وهناك اطلعت على آخر ما توصل إليه الأمريكيون فى مجال الأبحاث النووية، وكانت علوم الذرة آنذاك سر الأسرار.

وقبل عودتها إلى مصر تلقت دعوة لزيارة مفاعل نووى فى ضواحى ولاية كاليفورنيا، وفى الطريق الجبلى الوعر ظهرت فجأة سيارة نقل اعترضت طريق السيارة التى تستقلها، واصطدمت بها بقوة ملقية بها فى وادٍ عميق على ارتفاع 400 متر فوق سطح البحر، وقفز السائق من السيارة قبل الاصطدام بثوان، ثم تبين أن السائق كان يحمل اسماً مستعاراً، وأن إدارة المفاعل لم تبعث أحداً لاصطحابها وانتهت بذلك حياة عالمة نابغة لولا الغدر كان بإمكانها الكثير فى مجال الذرة وسوف نروى فيما بعد من وراء اغتيالها.