رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

رؤى

من أهم وأقدم التحليلات التى قدمت عن ابن خلدون قدمها المؤرخ الراحل عبدالله عنان فى مجلة الرسلة سنة 1933، فقد جاء ابن خلدون إلى مصر سنة 784 - 808، وقضى فيها ثلاثاً وعشرين سنة، يسبقه حكمه على المصريين وفى مقدمته بأنهم قوم (يغلب الفرح عليهم والخفة والغفلة عن العواقب)، وكان المجتمع القاهرى الأدبى ينقسم عندئذ إلى شيع وطوائف تنحاز كل شيعة أو طائفة إلى زعيم أو جناح معين من الزعماء فتؤيد جهوده الأدبية وتناجز خصومه فى ميدان الجدل.

كان طبيعياً أن تلقى آراء ابن خلدون ودروسه فى هذا الأفق الكدر من الأعراض والانتقاص أكثر ما تلقى من الإقبال والتقدير، قال الحافظ ابن حجر العسقلانى فى كتابه (رفع الإصر عن قضاة مصر) إنه (اجتمع بابن خلدون مراراً وسمع من فوائده ومن تصانيفه خصوصاً فى التاريخ) وإنه (كان لسانا فصيحاً حسن الترسل وسط النظم مع معرفة تامة بالأمور خصوصا متعلقات المملكة). وإنه كان جيد النقد للشعر وإن لم يكن بارعاً فيه.

بيد أن ابن حجر يحمل على ابن خلدون بشدة، وينقل فى ترجمته كثيراً مما قيل فى ذمه وتجريحه. فهو يقول لنا فى تاريخه إن ابن خلدون مؤرخ بارع (ولكنه لم يكن مطلعا على الأخبار على جليتها ولا سيما أخبار المشرق) ويعارض المقريزى فى مدح المقدمة ويرى أنها لا تمتاز بغير (البلاغة والتلاعب بالكلام على الطريقة الجاحظية) وأن محاسنها قليلة (غير أن البلاغة تزين بزخرفها حتى يرى حسناً ما ليس بحسن).

قال ابن عرفة: (كنا نعد خطة القضاء أعظم المناصب فلما وليها هذا عددناها بالضد من ذلك) ومن ذلك قول الركراكى أحد الكتاب الذين عملوا مع ابن خلدون (إنه عرى عن العلوم الشرعية) بل ينقل ابن حجر أيضاً بعض المطاعن الشخصية والأخلاقية التى قيلت فى حق المؤرخ من ذلك ما نقله عن العينتابى وهو أنه كان يتهم بأمور قبيحة.

وما نقله عن كتاب القضاة للبشبيشى، وهو (أن ابن خلدون كان فى أعوامه الأخيرة يشغف بسماع المطربات ومعاشرة الأحداث وأنه تزوج امرأة لها أخ أمرد ينسب للتخليط) وأنه كان (يكثر من الازدراء بالناس) وأنه (حسن العشرة إذا كان معزولا فقط فإذا ولى المنصب غلب عليهم الجفاء والنزق فلا يعامل بل ينبغى ألا يرى).

وقد كان الفريق الأقوى بلا ريب لأنه كان يضم كثيراً من المفكرين والفقهاء البارزين، مثل ابن حجر، والجمال البشبيشى، والركراكى، وبدر الدين العينى (العينتابي). وقد امتدت آثار هذه الخصومة الأدبية طوال القرن التاسع الهجرى.

 

 

[email protected]