رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

إننا، كأثريين وعلماء آثار مصرية، لا نعلم أن على وجه اليقين من هو الفرعون الذي عاش في عهده سيدنا موسى عليه السلام كي نقول إن فرعون موسى هو الملك رمسيس الثاني على وجه التحديد. ومن الجدير بالذكر أن الله سبحانه وتعالى لم يحدد لنا اسم ذلك الفرعون؛ كي يترك لنا الأمر مفتوحًا من أجل التنفير من كل تجبر وظلم وطغيان في كل زمان ومكان، كما أننا لا نعلم من هؤلاء الذين قاموا بدراسة مومياء الملك رمسيس الثاني، وأين عثروا على هذه الأعشاب البحرية التي اشار إليها احد اعضاء هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، وما الدليل عند فضيلته على أن الملك رمسيس الثاني قد مات غرقًا.

وقد قال فضيلة الشيخ في برنامج على قناة مصر الأولى، إن فرعون وجنوده بعدما لحقوا ببني إسرائيل، وهم في منتصف البحر انطبق عليهم، فقال فرعون آمنتُ بالذي آمنت به بنو إسرائيل، منوهًا بأن فرعون نجا ببدنه، ورغم غرقه وهلاكه، فإن المياه لفظت جسده إلى الشاطئ، مستدلاً على ذلك بقول الله سبحانه وتعالى: «فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً»، موضحًا أن جسد فرعون تم تحنيطه، منوهًا بأنه عندما تم إجراء اختبارات على جثة رمسيس الثاني وجدوه قد مات بإسفكسيا الخنق الناتج عن الغرق، ووجدوا بعض الأعشاب البحرية بداخله للتأكيد على أن هذا هو فرعون موسى، وأن الله قد أبقى هذه الأعشاب ليقول إن ذلك هو فرعون موسى.

وإن حقيقة الأمر إن لدى عددًا كبيرًا من المصريين وغيرهم اعتقاد بأن «الفرعنة» والتجبر والاستبداد والديكتاتورية والطغيان صفات حكام مصر منذ عصر الفراعنة، ويطلقون عليهم جميعًا لقب «فرعون» وجمعهم «فراعنة» دون أدنى استثناء، وكذلك يطلق المصريون أنفسهم وغيرهم على الشعب المصرى كله لفظ «فراعنة». وجاء هذا الاعتقاد نتيجة لما ورد في الكتاب المقدس (العهد القديم) والقرآن الكريم عن طغيان وتجبر وتكبر وتأله الملك المصرى القديم الذي أطلق عليه لقب «فرعون»، دون أن يُسميه، وعاش في عهده نبى الله موسى عليه السلام، كما سلف القول. ومع التسليم بما جاء في الكتب السماوية عن فرعون موسى عليه السلام؛ فإنه لا يجوز اتهام كل حكام مصر الفراعنة بنفس صفات الطغيان، والتأله والتجبر التي كان يتصف بها ذلك الفرعون المذكور في تلك الكتب، فكان من بين حكام مصر الصالح والطالح والمؤمن والكافر والقوى والضعيف والعادل والظالم وغيرهم، ولايمكن بأى حال من الأحوال إطلاق لقب «فراعنة» -الذي كان يطلق على الحكام الفراعنة فقط- على كل المصريين من أفراد الشعب المصري؛ لأنه من غير المنطقي أن يُطلق لقب «قيصر» -الذي كان يخص الإمبراطور الروماني- على كل أفراد الشعب الروماني أو الروم. إن لقب «فرعون» لم يكن يدل على تجبر كل الحكام المصريين، وكذلك لم يكن يدل على شعب معين أو جنس محدد؛ وإنما هو لقب إدارى بحت يشير إلى حكام مصر القديمة.

وإن النصوص المصرية القديمة قد أطلقت على الحاكم لفظة ملك «نسو» ولفظة إله «نثر»، وقد قُدس الملك في العبادة المصرية القديمة في حياته وبعد مماته وفقًا لهذا المفهوم ولتلك النظرة المقدسة للملك المصري القديم. وعلى الرغم من أن دراسة طبيعة ومفهوم الملكية في مصر القديمة توضح أنه إذا كان ملك مصر ينعت عادة بلفظ «إله»، فإنه فى نصوص أخرى كان يُعامل على أساس غير إلهى مقدس بالمرة. وفي واقع الأمر، فإن أصل الحقيقة يرجع إلى أن الملك في مصر القديمة كان يحوز ويحافظ على الألوهية المقدسة كنتيجة لعدد من الطقوس الملكية المهمة والتي كان من خلال ممارسته لها تتحقق له ألوهيته الرمزية والفعلية على السواء.

مدير متحف الآثار- مكتبة الإسكندرية