عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

الناصية

واجهت السينما المصرية تحديات الآثار السلبية لتداعيات انتشار فيروس كورونا فى عام ٢٠٢١، والعام الذى سبقه كذلك، مثلها مثل السينما فى أمريكا وأوروبا وبقية دول العالم.. فى ظل الإجراءات الاحترازية التى أغلقت لفترة دور العرض أو حددت نسبة لدخول الجمهور فى كل حفلة، أو بسبب مخاوف الجمهور من الذهاب للسينما، وهو ما أثر على عائدات الأفلام طوال العاميين الماضيين ورغم ذلك لم يتوقف الإنتاج فى مصر.. ولم تتوقف المهرجانات أيضاً!

وهى لا شك علامات حيوية وإيجابية ليس فقط للسينما المصرية ولكن للحالة الثقافية والاقتصادية، ففى النهاية هناك منتج يقوم بتمويل صناعة الفيلم وهناك جمهور يتلقى هذا الإنتاج سواء فى دور العرض أو على المنصات الإلكترونية وهو جانب يحتاج إلى استعراض آخر فى ظل اعتماد كثير من شركات الإنتاج على عوائد البيع لهذه المنصات لاستمرار دورة الصناعة!

ولكن ما الذى يدفع الفنان داود عبدالسيد، وهو واحد من أهم مخرجى السينما المصرية من جيل الثمانينيات، رغم العدد المعقول من الإنتاج السينمائى المتنوع، والعدد المعقول أيضاً من المهرجانات باختلاف موضوعاتها، إلى إعلان اعتزاله كما لو أنه يقدم استقالة مسببة احتجاجًا على المناخ السينمائى ككل وليس الإنتاج وحده؟.. حيث لم يقتصر رفضه لنوعية الأفلام والجمهور ولكن على الحالة غير المصرية المستشرية فى السينما.. وكأن الصناعة تم اختراقها من الداخل وليس من الخارج مثلما كان يحدث من قبل فى السبعينيات مع سينما المقاولات التى صورت عشرات الأفلام لتصديرها فى شرائط فيديو للدول العربية لعرضها على شاشات التليفزيون فقط!

قال داود عبدالسيد «لا أستطيع التعامل مع الجمهور الموجود حاليًا، ونوعية الأفلام التى يفضلها بغرض التسلية»، وقال فى لقاء تليفزيونى: «إن التمويل يذهب لأفلام التسلية، والجمهور أصبح يبحث عن التسلية لا مناقشة القضايا، ولا البحث عن شيء حقيقى فى النفس البشرية». مهاجمًا فى الوقت نفسه تقليد السينما الأمريكية فى مشاهد الأكشن غير الضرورية التى ليس لها مبرر درامى يتوافق مع الحالة المصرية!

ومن المؤكد عندما يقول هذا الكلام مخرج بأهمية داود عبدالسيد يستحق التوقف عنده.. ومع ذلك فإن المناخ السينمائى عمومًا لم يتغير كثيرًا.. والسينما المصرية عاشت مثل غيرها حقبًا مختلفة بشكل مستمر، وسينما الأربعينيات والخمسينيات كانت مختلفة عن سينما الستينيات، التى اختلفت عنها سينما السبعينيات.. وهكذا فى الثمانينيات وما بعدها، فكل حقبة كان لها أفلامها وموضوعاتها وأبطالها الذين يمثلون طبقات الشعب المختلفة، صحيح كانت هناك طبقات تسيطر فى بعض الأوقات على بعض الأفلام لأن ذلك كان موجودًا فى الواقع ولم يتم اختلاقه.. وسينما الباشوات كانت موجودة وسينما أولاد البلد كانت موجودة، حتى جمهور السينما ظل جزءًا أصيلًا من الصناعة ومشارك فى الإنتاج مثله مثل المنتجين والكتاب والمخرجين والفنيين والنجوم.. ومن المؤكد أن جمهور الطبقة الوسطى الذى عرفه داود عبدالسيد فى الثمانينيات والتسعينيات اختلف تمامًا عن الجمهور الحالى، الذى ولد معظمه مع بداية الألفية الثانية ورضع المعلومات من الكمبيوتر والإنترنت، ويتابع العالم كله لحظة بلحظة من موبايل فى جيبه.. لا أقول بذلك أن السينما الحالية صح كلها ولا أقول خطأ كلها، مع إننى شخصيًا ما زال تذوقى للسينما يميل إلى مزاج سينما الثمانينيات ومع ذلك استمتع بالكثير من المحاولات والتجارب التى تصارع من أجل تقديم سينما جديدة ومختلفة.. ولكن لابد أن تكون عصرية وليست مجرد صدى لسنوات مجد وَلى!

[email protected]