رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

أوراق مسافرة

 

 

 

 

أترنم بها، أرددها معهم، حين تصدح الأصوات بالكلمات والألحان الوطنية التى تهيم فى عشق مصر، وحين تزدحم وسائل الإعلام المرئى والمسموع وأيضا المقروء بالبرامج والموضوعات الرائعة التى تذكرنا بأمجاد الأجداد العريقة، والبطولات الحديثة، نعم منا من يدفعه العشق الأكبر للوطن الغالى لمتابعة كل هذا، فيطرب، ويمتع عينيه وأذنيه بهذه الملاحم الوطنية، واغلب هؤلاء من جيلى أو جيل قبلى، ومنا من يدير المؤشرات، ويدير ظهره لكل هذا متجها إلى برامج اللهو والترفيه التى تتنافس على حياتنا وأخلاقنا وأعصابنا، وهؤلاء بالطبع اغلبهم ولن أقول كلهم من الشباب، وكما بدأت هوجة الملحمة الوطنية فجأة، تنتهى أيضًا فجأة، لأنها تتواكب فقط مع مناسبة وطنية ما، ذكرى انتصار، تحرير، أو أى عيد قومى، ثم تنتهى حالة الشغف الوطنى المرهونة بالحدث، وترفع من الاهتمام المجتمعى، حتى تحل مناسبة أخرى، وهكذا.

كم طفل، صبى، شاب فى مصر مثقف ثقافة وطنية، لديه معلومات عن كيف انتصرنا، كيف واجهنا مستعمرين وغزاة، يعرف حتى قصة واحدة من قصص أبطال الحروب التى خاضتها مصر، ليس على مستوى أبناء الجيش خير أجناد الأرض حماة الجبهة الخارجية، بل أيضًا عن أبطال الشرطة ممن دفعوا أرواحهم، وأجزاء من أجسادهم، فداء هذا الوطن، فى حروبهم ضد الإرهاب، بالجبهة الداخلية حتى نعيش فى أمان وسلام، للأسف موجات الحماسة الموقوتة المرهونة بحدث، لا تثقف، لا تزرع انتماء لأعظم وطن فى نظرى ونظر كل مصرى شريف- رغم أى شيء قد نعانى منه-، انه الوَطن الذى نعيش على أرضه، نُكبِر بيْن أحضانِه، ونأكُل مِن خيِّراتِه، يضم أجمل ذكريات الطُّفولة والشباب حتى المشيب، وطن إذا ما هجرناه وابتعدنا عنه، عشنا مشاعر الغربة والضياع والفقدان لكل أمان واستقرار، فإذا كنا نعرف تفاصيل وطننا، بكل خيراته، وحتى مكامن من يؤذون فيه، فهل نعرف شيئا عمن يحمون هذا الوطن، من يصونون كرامته وعزته، من ضحوا بأرواحهم لفدائه، ومن لا يزالون على استعداد لمزيد من التضحية؟

سأقولها صريحة، لا، ولو تناولنا مثلا انتصارا عظيما كنصر 6 أكتوبر المجيد الذى أعاد لمصر، بل للعالم العربى كله عزته وكرامته، ماذا قدم لنا الإعلام، الكتاب، هيئات الثقافة والفكر، الفن من مواد ومعلومات، أعمال ثقافية وفنية وإعلامية حول أبطال هذا الانتصار، بدءا من حرب الاستنزاف، وحتى العبور، فى الوقع كل ما تم تقديمه، أشياء هزيلة جدا، بالقياس لما حدث على ارض الواقع من بطولات وتضحيات، وإذا ما قارنت بين كل القصص والأعمال التى تم تقديمها، وتسليط الأضواء عليها، أراها لا تعد شيئا على الإطلاق، مقارنة بما يقدمه الغرب، عن أبطالهم فى أى حرب خاضوها، حتى ولو حربا جائرة ظالمة.

ما أريد قوله، أننا نظلم تاريخ بطولاتنا، ونضعه بين طيات النسيان، رغم أهمية قصص البطولات فى زرع بذور الانتماء والولاء لدى الأطفال والشبيبة، ليحبوا هذا الوطن بجد، ويدافعوا عنه من منطلق هذا الحب والولاء والانتماء، ولنخلق لديهم النموذج والقدوة الطيبة للمحاكاة أى التقليد، بدلا من سيرهم وراء النماذج البشعة الرديئة، التى يقلدونها فى الفنون الهابطة، والتى كانت السبب فى انحدار الذوق العام والأخلاق والسلوكيات، وأصبحت معها الوطنية شعارات مبالغا فيها، والانتماء مجرد كلمات لا معنى لها، والتضحية مفهوما غامضا لا دافع لوجوده.

وأرى أن اهم احد أسباب هذا، أننا لا نسلط الأضواء على مبادئ الوطنية إلا فى المناسبات القومية، واننا مازلنا فى مدارسنا نعلم الأطفال تاريخ الفراعنة، والحضارات الأخرى، ولم نفكر أبدا فى تقديم كتاب واحد عن بطولات أبطالنا فى كل ما مرت به مصر من حروب، صفحات تاريخنا المعاصر حافلة بالبطولات، فى الجيش، بطولات حربية، جوية، أرضية، فى الشرطة، بطولات لا حصر لها، أبطال صنعوا تاريخنا المعاصر والمستقبل، فلماذا لا يجتمع مؤرخون وكتاب محايدون، بدعم من الشئون المعنوية، والمؤسستين العسكرية والأمنية، لعمل مشروع قومى، لكتب دراسية تدرس بصورة إلزامية، بجانب المناهج التى اغلبها ليس لها لزوم أو فائدة فى الواقع إلا حشو عقول الأطفال والشبيبة بها لمجرد اجتياز سنوات التعليم و«دمتم»، لماذا لا يتم عمل هذا فى قصص صغيرة لطيفة ملونة للأطفال، على غرار نماذج قصص المكتبة الخضراء، وللحديث بقية.

[email protected]