رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

مكاشفات

كثيراً ما أرى العديد من أولياء الأمور وهم يتحسرون على مصائر أبنائهم حينما يجدون درجاتهم فى بعض المواد التعليمية أقل من المفترض الحصول عليه، وكأنها نهاية العالم، ويحكمون بموجب ذلك على الطالب بالفشل أو بالأحرى يصفونه بعدم الذكاء ولا أقول الغباء، وتقوم الدنيا ويُلام الطالب كثيراً بل ويُعاقب أحياناً.

منذ فترة قرأتُ كتاباً لهوارد جاردنر، أستاذ علم النفس بجامعة هارفارد يسمى Frames of Mind ويرفض فيه جاردنر الافتراض غير المبرر بأن هناك قدرات معينة (كما هو معمول فى اختبارات الذكاء الحالية) يمكن أن نخصها عشوائياً بأنها تستوفى معايير الذكاء، بينما القدرات الأخرى ليست كذلك. فاستبدل جاردنر بسؤال «ما مدى ذكائك؟ سؤالاً أكثر شمولية وحكمة وهو « كيف أنت ذكى؟»

فقد يمتلك الإنسان مثلاً قدرات متميزة أخرى ولكن ليس من بينها مثلاً قدرته على الحساب أو المنطق، فكيف تقيس فقط قدراته فى الحساب على أنها معيار وحيد محدد لذكائه ككل أو لا؟ فبراعتنا فى التحصيل الدراسى لا تحدد وحدها أبداً إمكانية نجاحنا فى الحياة، وقد تجد بالفعل أشخاصاً أذكياءً للغاية لم يكن تحصيلهم الدراسى ممتازاً، وارد أن تكون متميزاً فى الحساب ولكن لا تستطيع إتقان لغة جديدة أو تأليف مقطوعة موسيقية أو برمجة كمبيوتر أو تأليف رواية أو إلقاء خطبة، فكل هذه الذكاءات مجتمعة هى المعبرة عن أصحابها وليس نوعاً واحداً فقط.

وقسّم جاردنر الذكاء لأنواع وقال إن جميع البشر يمتلكون مزيجاً فريداً من سبعة أنواع من الذكاء وهى كالآتى: الذكاء اللغوى: يتضمن هذا النوع تقييماً للغة والقدرة على تعلم لغات جديدة والقدرة على استخدام اللغة لتحقيق أهداف محددة، وأعتقد أنه يقصد من يملكون ناصية القلم، من يسحرون الناس بلحن وسحر كلماتهم، هؤلاء البارعون فى تطويع اللغة وتوجيه حروفها كما يشاءون لتحقيق ما يشتهون للوصول إلى ما يصبون إليه، فيملكون أدوات الإقناع والتأثير باحتراف شديد، بالطبع كالكتاب والشعراء والصحفيين والمحامين والدبلوماسيين.

أما الذكاء الحسابى المنطقى: فهو القدرة على تحليل المشكلات وإجراء العمليات الرياضية وينطوى هذا النوع على القدرة على اكتشاف الأنماط والتفكير المنطقى وبالطبع يرتبط بالعلماء والباحثين ومبرمجى الكمبيوتر والمهندسين والمحاسبين.

الذكاء الموسيقى: يفكر أصحاب هذا النوع من الذكاء من منطلق الأصوات والإيقاعات والأنماط الموسيقية ممن يمتلكون مهارات فى الأداء أو التلحين وتقييم الأنماط الموسيقية، وبالطبع يرتبط بالموسيقيين والمطربين والملحنين والنقاد الموسيقيين.

الذكاء البدنى الحركى: ينطوى هذا النوع على القدرة على التحكم فى الحركات الجسدية المعقدة وتنسيقها ويتمتع الرياضيون والممثلون ولاعبو الجمباز بدرجة عالية من الذكاء البدنى الحركى.

الذكاء المكانى البصرى: هو القدرة على ملاحظة الأشياء فى المكان بدقة ومعرفة كيفية تنظيم الأشياء، كالنحاتين والمعماريين والفنانين التشكيليين ومصممى الديكورات والمهندسين.

الذكاء الاجتماعى: وهو القدرة على فهم غايات الآخرين ودوافعهم ويعد هذا النوع من الذكاء أساسياً فى بناء العلاقات، التربويون والأطباء النفسيون يمتلكون هذا النوع من الذكاء بوفرة، وأرى أن هذا النوع من الذكاء يجب أن يدركه ويتعلمه كافة الناس فمعرفة دوافع وغايات الآخرين أصبحت أمراً ملحاً لاجتياز الحياة بلا متاعب على قدر الإمكان ولدفع سفينة الحياة إلى بر الأمان.

ذكاء معرفة الذات: وهو القدرة على فهم الذات مع درجة عالية من الوعى بمشاعرنا ودوافعنا ويساعدنا هذا النوع من الذكاء على وضع نموذج عمل فعال لأنفسنا واستغلال فهمنا لذاتنا من أجل تنظيم حياتنا.

فهل سيظل ذكاؤنا يُقاس اعتماداً على اختبارات نسبة الذكاء أم هل ستطيح أفكار جاردنر بالنظام الحالى لاختبارات الذكاء، ومع ذلك فأنا أتفق مع جاردنر فى أن فكرة الذكاءات المتعددة لن تزول طالما الناس يشعرون بأن قيمتهم الحقيقية لم يتم تقديرها بعد، وكما قال جاردنر: ما يهم فى النهاية ليس اختباراً للذكاء وإنما معتقداتنا حول ما إذا كنا قادرين على فعل شىء والتزامنا بتحقيقه على أكمل وجه.

فالكل يتمتع بالذكاء بنسب مختلفة وبطرق مختلفة والنجاح يأتى من صقل هذا النوع من الذكاء طوال الحياة.

[email protected]