رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

الناصية

الأمريكى.. يمكن أن يفعل فى نفسه كل شيء يحلو له، وأى شيء يمكن أن تتصوره ولا أحد يستطيع أن يسأله.. وعلى سبيل المثال وزير النقل الأمريكى شاذ جنسيا، والرئيس الأمريكى يعرف ذلك قبل تعيينه، والكونجرس وافق على تعيينه.. لأن هذه حريته التى لا يؤذى بها غيره، ولكن أن يقترب أحد من حرية الآخرين ومن ممتلكاتهم فالقانون يعاقبه بلا رحمة وتتم محاكمته وفضيحته علانية، والمجتمع كله لا ينسى ولا يغفر له فعلته مهما كان مشهورًا ومعروفًا حتى ولو كان الرئيس!

وأمريكا تشاهد الآن مسلسلًا تليفزيونيًا باسم المساءلة أو العزل «impeachment» من ضمن سلسلة عن قصص الجريمة الأمريكية « American Crime Story»، يروى المسلسل قصة تحرش الرئيس الأمريكى الأسبق بيل كلينتون بالمتدربة فى البيت الأبيض مونيكا لوينسكى، وكان عمرها 22 عاما فى ذلك الوقت، وقد نفى كلينتون فى البداية وجود مثل هذه العلاقة، قبل أن يعتذر عن ذلك لاحقا، وقام مجلس النواب باتهامه بالحنث باليمين آنذاك، وسحب الثقة منه، ولكن مجلس الشيوخ برأه..!

ومع أن بيل كلينتون يعتبر من أعظم عشرة رؤساء فى تاريخ أمريكا، حسب تصنيف مؤسّسة غالوب الأمريكية المتخصصة فى استطلاعات الرأى، إلا أن ذلك لم يغفر له عند الأمريكيين، ولم ينس له الشعب الأمريكى تحرشه بهذه الفتاة الصغيرة وكذبه عليهم بإنكار العلاقة متصورًا أنه يمكن أن يفلت من العقاب!

نفس الشيء فعلوه مع الممثل الشهير كيفن سبيسى، بطل المسلسل التلفزيونى المعروف «هاوس أوف كاردز» عندما اتهمه بعض الرجال بالاعتداء الجنسى عليهم.. وكان هذا الاتهام كافيًا لرفض كل شركات الإنتاج فى هوليوود التعامل معه.. وعزله وحيدًا فى منزله، وهو ما حدث كذلك مع المنتج السينمائى هارفى واينستين الذى اضطر لأن يسلم نفسه للشرطة، بسبب اتهامات تتعلق بالتحرش الجنسى والاغتصاب.. وقد صارت سيرته على كل لسان وأضحى منبوذًا فى المجتمع كما لو أنه مصاب بالجرب.. لا أحد يريد أن يعرفه أو يقترب منه.. كل ذلك فى أمريكا ومع الأمريكان، ونفس الشيء يحدث فى أوروبا، الذين نتهمهم نحن بانها بلاد الفجور الأخلاقى.. على اعتبار أننا حماة الأخلاق فى العالم.. وفى الحقيقة نحن أبعد ما نكون عن أخلاق كل الأديان وليس الغرب فقط!

ما أريد أن أقوله إن الأخلاق لا تتجزأ ولا يتم تفصيلها على شخص واستثناء آخر، الأخلاق واحدة قبل الأديان وبعدها، والدول تقدمت بتطبيق القانون على الجميع وليس بالعلم فقط، وحرية الفرد يحميها الدستور والقانون ما لم تكن على حساب الآخرين.. لأن هؤلاء الآخرين لهم نفس الحقوق وعليهم نفس الواجبات والكل سواسية تحت طائلة القانون!

مشكلتنا الرئيسية فى الاستثناء.. لا يوجد لدينا قانون أو قرار واحد لا يتضمن استثناء، كل القوانين بها استثناءات، وهو ما يجعل القوانين ميتة وبلا فائدة قبل أن تخرج، وفوق كل ذلك يسهل اختراقها وإبطال مفعولها من داخلها.. ولدينا آلاف المحاكمات فشلت فى إدانة آلاف المتهمين فى جرائم قتل وفساد بسبب اختراق القوانين المهلهلة بالاستثناءات!

إن قول الشاعر أحمد شوقى: «وإنما الأمم الأخلاق ما بقيت.. فإن هم ذهبت أخلاقهم ذهبوا».. ليست سوى تحذير بأن الكيل بمكيالين، وازدواجية التعامل مع البعض على حساب البعض وتفضيلهم عن الآخرين رغم ارتكابهم جرائم مخلة بالشرف يمكن أن يضيع الأمة كلها.. ولأن غسيل الملابس القذرة بالماء لا يعنى أبدًا أن تكون نظيفة!

[email protected]