رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

حتى نلتقى

 

 

 

تخيل... 98 عامًا تمر بعد غد 15 سبتمبر على رحيل سيد درويش، ومازالت موسيقى الرجل تسعد الناس وتطربهم، فيرددها الجمهور والهواة والمطربون المحترفون! فقد رحل (خالد الذكر) فى 15 سبتمبر سنة 1923، وليس كما هو مكتوب فى (جوجل) 10 سبتمبر، ودليلى على ذلك فيلم (سيد درويش) الذى أخرجه أحمد بدرخان سنة 1966، حيث أكد فيه أن يوم رحيل الرجل كان 15 سبتمبر، ومعلوم أنه من المنطقى أن من يتناول حياة سيد درويش فى فيلم، سيبذل جهدًا كبيرًا للتحقق من التواريخ المهمة فى حياة الرجل، وحتى وفاته، خاصة وأن الفترة الزمنية بين الموت وإنتاج الفيلم لا تتجاوز 43 عامًا فقط.

المدهش فى الأعجوبة التى اسمها سيد درويش أنه ابتكر نحو 300 لحن، على الرغم من أنه عاش 31 سنة فقط، فقد ولد بالإسكندرية فى 17 مارس 1892، كما جاء فى الفيلم إياه، وظل مقيمًا بها حتى هبط أرض القاهرة فى 1917 ليستقر فى عاصمة الفن، وفى ظرف ستة أعوام فحسب ملأ الدنيا وشغل الناس بموسيقاه. وكان قد غادر إلى الشام فى رحلات متقطعة قبل أن يسعى إلى القاهرة.

فى تسجيل إذاعى نادر يصف نجيب الريحانى صديقه الفنان العبقرى قائلا: (سيد درويش كان روح هايمة على وش الأرض. روح غير مستقرة. روح بتستعجل أيامها فى الرحيل من الحياة... كأن الحياة دى حمل تقيل وعاوزة تتخلص منه... أهدانى مرة صورته وكتب لى تحتها... من ميت يُهدى إلى أموات)، ثم يشرح الريحانى كيف اتفق معه على تلحين أول مسرحية استعراضية، وكانت (ولو) التى عرضت فى يوليو 1919، ويضيف ضاحكا: (الرواية طلعت فى المسرح من هنا، وفلوس الناس طلعت من جيوبها من هنا... فى الشوارع مطرح ما تمشى ما تسمعش إلا الحلوة دى قامت تعجن فى البدرية، ويهوّن الله على السقايين)، ويستدرك الرجل محللا سر العبقرية الموسيقية: (عرفت الشيخ سيد قبل ما اشوفه، وقدرته قبل ما اتعرف عليه... سمعت له لحنا من رواية فيروز شاه – قدمتها فرقة جورج أبيض – كان مطلعه أنا رأيت روحى فى بستان... استلفت نظرى بشكل عجيب... وشفت فيه لون تانى غير الألوان اللى كنا بسنمعها، وحسيت كأن واحد نقلنا من عالم نايم همدان إلى محيط تانى كله نشاط وصحة...).

لا يمكن فهم التطور الموسيقى المذهل الذى أحدثه سيد درويش بعيدًا عن زلزال ثورة 1919. لقد فجرت هذه الثورة العظيمة شلال الإبداع فى أنفس العديد من الفنانين والكُتّاب، وكان سيد درويش يتصدر قائمة الأفذاذ الذين مزجوا عبقريتهم بقضايا الناس وأحلامهم فى الاستقلال والحرية والعدل والإنصاف، فتدفقت موسيقاه الجديدة لتلمس القلوب وهو يصدح بها بصوته الحنون.

تذكر معى بعض أغنياته التى رددها الناس من قرن إلى آخر، ومازالوا: (بلادى بلادي/ قوم يا مصري/ أحسن جيوش فى الأمم جيوشنا/ أنا المصرى كريم العنصرين/ سالمة يا سلامة/ الحلوة دى قامت تعجن/ زورونى كل سنة مرة/ اهو ده اللى صار/ أنا هويت/ والله تستاهل يا قلبي/ خفيف الروح بيتعاجب/ يا ناس انا مت فى حبي) وغيرها كثير.

ويقول محتفيًا بالوطن: (اسمع اسمع منى كلمة/ إن كنت صحيح بدك تخدم مصر أم الدنيا وتتقدم/ لا تقول نصرانى ولا مسلم/ ولا يهودى ياشيخ اتعلم/اللى اوطانهم تجمعهم/ عمر الأديان ما تفرقهم).

أما الموسيقار الأعظم محمد عبدالوهاب فقال عنه فى حديث إذاعي: (لقيت مزيكته، برغم أنها جديدة، لكن عشرية... كأنها عايشة معايا من زمان، مزيكا لها أب ولها ام... مزيكا بنت حلال).

ومن يجرؤ على الكلام عنه بعد عبدالوهاب؟