رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

تأملات

ثقتنا فى أداء الدولة المصرية وحكمتها فى التعامل مع الملفات المختلفة التى تواجهها وخاصة ملف سد النهضة بلا حدود، غير أن ذلك لا يمنع من تجديد الحديث عن تلك الأزمة رغم ملامح التهدئة التى تم إضفاؤها عليها خاصة بعد عملية الملء الثانى، بغض النظر عما إذا كانت العملية قد نجحت أم فشلت، وهو الأمر الذى انعكس على الأقل على المستوى الدولى فى طى ملف الأزمة بشكل مؤقت فى مجلس الأمن الدولى رغم التوقعات التى ازدادت بإصداره قرارا بغض النظر عما إذا كان مواتيا لمصر والسودان أم لإثيوبيا.

من وجهة نظر البعض قد يكون من الأفضل أن يتوارى الحديث عن الموضوع ولو إلى حين، على الأقل فى انتظار نتيجة الاختمارات الداخلية فى اثيوبيا والتى تهدد بتفكيك الدولة ذاتها أو على الأقل تشهد نظام حكم جديدا غير حكومة أبى أحمد التى تلتزم مواقف بالغة التشدد بشأن أزمة السد.

فالمتابع لتفاصيل الأوضاع فى إثيوبيا سيلمس مدى التعقد الذى تتجه إليه الحالة هناك على خلفية الحرب فى إقليم التيجراى والتى اتسعت لتشمل مناطق وأقاليم أخرى وسط صياغة لتحالفات مختلفة ضد الحكومة القائمة وهو ما يقوض الأوضاع الداخلية ويلقى بأعباء اقتصادية بالغة السوء على المواطنين.

رغم أن ذلك من الطبيعى أن يسىء لقوة الموقف الإثيوبى فى أزمة سد النهضة سواء على صعيد عملية إنشاء السد ذاته أو تفرغ الدولة ذاتها لحسن إدارة هذا الملف، وقد يبشر، حال وصول حكم جديد بحالة تفاوضية مغايرة، إلا أن الحاصل هو العكس، فى ضوء محاولة حكومة أبى أحمد إن لم يكن هو شخصيا تصعيد ملف الأزمة على مستوى الإعلام الدولى فيما يعد محاولة للهروب من سوء وضعه الداخلى ومحاولة لتوحيد الإثيوبيين خلف قضية خارجية اتباعا لمبدأ أن أفضل وسيلة لتوحيد أى شعب هو إشعاره بوجود خطر خارجى، أو اختلاق هذا الخطر إن لم يوجد.

تظهر هذه التحركات الإثيوبية فى تجديد انتقاد الموقف التونسى المتعلق بالقرار المقدم لمجلس الأمن، ومحاولة إقناع قوى دولية وعلى رأسها الهند بعدم تأييد مثل هذا الموقف، بل ومحاولة إحياء عملية التوقيع على اتفاقية عنتيبى لوضع مصر والسودان فى وضع سلبى فى مواجهة دول حوض النيل.

فى مواجهة هذه التحركات التى لا يمكن اغفال أنها تعبر عن قدر من التوتر والقلق الإثيوبى بفعل عوامل داخلية بالأساس، يبدو من الواضح أن مصر فيما بعد عملية الملء الثانى التى رفضتها وترى أنها تمت على غير إرادتها، ربما تعول على عامل الوقت، بمعنى أنه إلى أن يحين إثارة القضية بنبرة عالية كما هو معتاد مع عملية الملء الثالث المقبلة، إذا كان مقدرا لها أن تتم فى ظل الظروف غير المواتية التى تواجهها اثيوبيا، فإن مهلة الشهور الستة «المفترضة» فى القرار الأممى «المفترض» أيضا ستكون قد انتهت، وستبدو مصر والسودان فى صورة من استنزف كل السبل لحل الأزمة من خلال المفاوضات، وهو ما يتيح لهما فرص تحرك أفضل على عكس الوضع غير المواتى الذى وجدا نفسيهما فيه خلال فترة مناقشة مجلس الأمن الأخيرة.

وعلى هذا أتصور، مع قدر من التمنى، أن تقلب مصر رأسا على عقب تلك الصورة التى حاولت ثيوبيا تصديرها على مدار الفترة الماضية بشأن تحقيقها تقدما فى مواقفها فى مواجهة مصر والسودان، فى ضوء أمر قد لا يجانبه الصواب يتمثل فى أن أى حكومة إثيوبية مقبلة قد لا يتغير موقفها كثيرا بشأن السد اذا ما أخذنا فى الاعتبار حقيقة أن الموقف من السد يعكس تشابكات وتعقيدات تدخلات دولية وإقليمية عديدة.

[email protected]