عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

هموم وطن

 

 

 

ربما تكون رسالتى صادمة أو عنوان مقالى غريبا، وربما يرى القارئ من أول وهلة أن كاتب المقال عدو للنجاح أو من نوعية ممن يجذبون القراء بعنوان احتيالى لقراءة ما يكتب، وسأجيب عن تساؤلاتكم فورًا قبل أن تصابوا بالملل.

لا يجب أن تنجح فى دراستك أو عملك أو مشاريعك، فأعداء النجاح لن يتركوك تظفر بنجاحك أو تحتفل بانجازاتك، لا يجب أن تنجح وأنت وسط الحاسدين والكارهين.. لا يجب أن تتخلص من حمامك القديم، ولا شقتك القديمة ولا ملابسك الرثة.. ستكون في محبة وعطف وشفقة من الكثيرين إذا وجدوا تواضعا في احلامك، وإذا شعروا انك فى حاجة إليهم والى نصائحهم الشحيحة ونقودهم القليلة وملابسهم القديمة سيشعرون بالسعادة طالما عيناك تنظر تحت قدميك واقدامهم أيضًا.

صدقنى ابق على وضعك داخل حارتك أو قريتك أو مدينتك، لا يجب أن يأتوا لزيارتك والاستمتاع بالجلوس معك وعيناك زائغتان تبحثان عن مخرج من القيد الذى وضعوك فيه، لا يجب أن يكتشفوا انك تفكر أو تقرأ أو تتطلع إلى الأفضل، جميعهم يحبون فيك التواضع من وجهة نظرهم والرضا بالقليل فى عرفهم والاستعداد ليوم الرحيل من وجهة نظرهم، وستجدهم وانت على هذا الحال يستمتعون بالجلوس معك في أوقات فراغهم إن كانوا ناجحين، ويعشقون فشلك وجهلك إن كنتم فى الفشل سواء.

صدقنى.. ماذا ستأخذ من النجاح سوى قلة النوم وقلة الراحة والقبض على جمر نجاحك خشية أن يسلبوك هذا النجاح، ماذا تفعل بنجاح ترمقه عيون الحاسدين وتكتوى بنيرانه قلوب الحاقدين، وتسعى لافشاله أيادى الخائنين.

‏فى أوطاننا مقاييس النجاح أن تحتمى بسلطة تنتشلك من بين هؤلاء، وتنقلك نقلة لا رجعة فيها، ولا يحلم حاسدوك وحاقدوك أن ينفثوا رذاذ حسدهم ولا شرور حقدهم إليك، فأنت بالنسبة لهم أصبحت حلما صعب المنال، واسطورة يتحدثون عنها ويذكرون من حولهم بأنك كنت يوما من الأيام تجلس معهم، وتحتسى الشاى فى أكوابهم، وكلما ابتعدت عنهم وارتفع نجمك كلما بذلوا الجهد لتوصيل نفاقهم وتزلفهم اليك، وإذا تكرمت عليهم بالزيارة وجدتهم يتسابقون فى التقاط الصور التذكارية بجانبك، ومشاركة هذه الصور مع صورهم القديمة بالجلاليب أو البيجامات، ووضع دوائر تعريفية أعلى صورتك وهم بجانبك ليلفتوا نظر البعض انك نفس الشخص فى الصورتين.

‏هذه الوصفة السحرية للنجاح فى أوطاننا وبلادنا، وعكسها ستكون عرضة للهلاك والموت قبل أن تسكن فيلتك أو عمارتك التى أنفقت كل ما تملك لبنائها، وستكون عرضه للتهكم وإثارة الفتن والاشاعات إذا كنت مصرًا على مخالطتهم والجلوس بين ظهرانيهم، سينسجون الحكايات والأساطير التى تؤرخ لمشوارك بداية من عثورك على قطعة اثار أسفل بلاطة فرن والدتك رحمها الله عندما كنت تعيد بناءه، وسينسجون أيضا طريقة البيع وطريقة الغسيل (غسيل الأموال) رغم انك لم تتركهم لحظة، ورغم أن حيطانهم لها اذان يسمعون من خلالها حوارك مع نفسك، ويعدون عليك انفاسك، وغلطة عمرك هى انك تفوقت دراسيا أو حافظت على قروشك حتي أصبحت آلافا وانت ما زلت تحت سيطرة عيونهم وفى قبضتهم.

‏صدقنى .. إذا اردت النجاح فاذهب خارج أوطانك وابحث عن جامعة كبيرة تكتشف مواهبك وعن زملاء ليسوا من دينك ولا من عرقك ليضعوك فى موضعك الصحيح، دون أن يحقدوا عليك أو يسلبوك علمك.. ‏وأرجو الا يشرد ذهنكم بأننى من الناجحين أو من أعدائهم.. ونسأل الله السلامة.