رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

الناصية

يأتى شهر يوليو.. ويذهب، ويبقى الكلام مستمرًا عن ذكرى ثورة، انقلاب، حركة 23 يوليو..( ليس لدى مشكلة فى المصطلح فنحن لدينا مشكلة عموما فى ضبط المفاهيم والمصطلحات) وما يهمنا، هو معرفة ما جرى بعد هذه الليلة بأربعة أعوام وتحديدًا بعد انتخاب جمال عبدالناصر رئيسا للجمهورية فى 25 يونيو عام 1956 وتحوله إلى رمز للمقاومة فى العالم!

فى البداية لابد من التأكيد على أن جميع أعضاء مجلس قيادة الثورة وكل الضباط الأحرار الفاعلين فى ليلة 23 سلموا بأن البكباشى أركان حرب جمال عبدالناصر هو قائدها ومفكرها، وجميعهم بلا استثناء، بمن فيهم القائمقام يوسف صديق، الذى تؤكد الروايات أنه البطل الحقيقى فى هذه الليلة، وكل الذين كتبوا مذكراتهم، لم يتجرأ واحد منهم أن يقول إنه هو القائد والمفكر لهذه الثورة.. صحيح حاول كل واحد منهم أن يجعل دوره فى هذه الليلة هو الأكبر والمؤثر، ربما على حساب زملائهم بل وتعمد البعض تقزيم أدوار البعض الآخر، ولكن كلهم أكدوا أن عبدالناصر هو الدينامو وهو صاحب الفكرة وهو الذى جندهم، ثم قام بعضهم بتجنيد آخرين بموافقته ومباركته كقائد.. وشكليا قد ظهر ذلك جليا فى الصور الاولى للقادة الجدد، حيث كان مكان عبدالناصر بجانب اللواء محمد نجيب دائما ولم يتغير ولم يزاحمه فيه أحد، بينما تتغير أماكن زملائه فى كل صورة، وكأنه كان اعترافا بديهيا وتلقائيا منهم بدوره كقائد حقيقى لما جرى!

ولكن.. كيف تحول عبدالناصر إلى رمز للثورة دون الآخرين.. وربما يمتد السؤال إلى أبعد من ذلك بكيف تحول إلى رمز للمقاومة فى العالم الثالث فى حياته وحتى بعد وفاته؟.. الحقيقة إن ذلك حدث ما بين عامى 53 و54 ففى خلال هذين العامين قام بشيئين جعلاه أكبر من مجرد قائد ثورة.. الشيء الأول قيادته فى عام 1953 للوفد المصرى للتفاوض على انسحاب القوات البريطانية من مصر نهائيا، وبعد ذلك بعام وقعت اتفاقية بين جمال عبدالناصر بصفته رئيس وزراء مصر وأنتونى ناتينج، وزير الدولة للشئون الخارجية البريطانى، ونصت هذه الاتفاقية على جلاء البريطانيين بالكامل عن مصر فى غضون عشرين شهرا.. والواقع أن هذه الاتفاقية كانت بمثابة الإعلان الرسمى لسقوط الإمبراطورية البريطانية التى لا تغرب عنها الشمس، وانتهاء عصر الاستعمار القديم، وانسحبت بعدها بريطانيا، تقريبا، من كل الدول الخاضعة لتاجها من ‌مستعمرات و‌محميات وكذلك الدول التى تحت الانتداب.. وكان عبدالناصر ملهما فى ذلك لبقية قادة العالم الثالث.

الشيء الآخر.. هو إصدار عبدالناصر كتاب «فلسفة الثورة» عام 1954، وذلك قبل أن يكون رئيسا للجمهورية، وذلك ليؤكد على رؤوس الأشهاد أنه هو فيلسوف الثورة ومفكرها الوحيد ولم ينافسه فى ذلك أحد، ولم يعترضه أحد، وصار هذا الكتاب وكأنه دستور للثورات فى العالم الثالث، وهو ما أكد حضور عبدالناصر كرمز لمقاومة الاستعمار القديم، بريطانيا وفرنسا، وكذلك للاستعمار الجديد أمريكا وإسرائيل!

ورغم أن عبدالناصر كرئيس كان يرفض المعارضة لنظامه، إلا أنه كان معارضًا دوليًا للاستعمار القديم والجديد، فهو الذى يفضح سياساتهم ويتحداهم على الملأ إعلاميا وفى المحافل الدولية.. ولهذا كرهت أمريكا وإسرائيل فكرة وجود مقاومة فى المنطقة، واتخذتها ذريعة لتدمير وتخريب الدول العربية على رؤوس شعوبها.. فى الأخير لا أحد حقيقة يستطيع أن يحكم على جدوى هذه فكرة المقاومة على شعوب المنطقة.. وهل هى السبب فى خراب وتخلف الدول والشعوب العربية، وهل فعل المقاومة لزعيم حزب الله اللبنانى حسن نصر الله هو النموذج الصحيح للمقاومة.. وكأنه الناصرى الأخير؟!

[email protected]