رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

حتى نلتقى

 

«كأس العذاب» للمخرج حسن الإمام هو أول فيلم مصرى يشاهده الجمهور فى دور العرض بعد خمسة أيام فقط من نجاح جمال عبدالناصر والذين معه فى الاستحواذ على السلطة، أى أنه عرض فى يوم 28 يوليو 1952، أما فيلم «الأشرار» لحسام الدين مصطفى، فهو آخر فيلم تم عرضه فى حياة عبدالناصر، إذ شاهده الناس للمرة الأولى فى يوم 28 سبتمبر 1970، وهو اليوم الذى رحل فى مسائه فجأة أشهر زعماء مصر والعرب.

نحو 830 فيلمًا روائيًا قدمتها السينما المصرية فى 18 عامًا هى الحقبة التى حكمنا فيها نظام يوليو، علمًا بأن السينما المصرية قدمت 2865 فيلمًا بامتداد القرن العشرين وفقا لما ذكره الناقد والمؤرخ محمود قاسم فى موسوعته عن السينما المصرية، أى أن نصيب فترة عبدالناصر تزيد علي ثلث الإنتاج السينمائى، فهل تطورت صناعة السينما فى عهده عما قبله من حيث الموضوعات المطروحة وجسارتها واقتحامها لمشكلات الناس البسطاء من جهة، ومن حيث فنيات العمل من تمثيل وتصوير وديكور وموسيقى إلى آخره من جهة ثانية؟.

لا يغيب عن ذكاء القارئ أن السينما المصرية ظلت طوال فترة الحكم الملكى خاضعة بشكل كبير للاحتلال الإنجليزى الذى غزا مصر وسيطر على مقدراتها منذ سنة 1882، الأمر الذى حرم رجال السينما من مناقشة قضايا بالغة الأهمية مثل جرائم الاحتلال ومساوئه وضرورة المقاومة ونبلها، ولك أن تتخيل أن ثورة 1919 العظيمة لم يتعرض لها أى فيلم مصرى من قريب أو بعيد طوال تلك الفترة، لذا ما أن هلّ شهر ديسمبر من عام 1952 حتى فوجئ الجمهور بعرض فيلمين يحتفلان بنضال المصريين ضد ذاك الاحتلال البغيض وهما «يسقط الاستعمار» لحسين صدقى، و»مصطفى كامل» لأحمد بدرخان، ثم انهمرت بعد ذلك الأفلام التى تفضح ظلم الإنجليز وجبروتهم بعد أن تحرر الشعب من سطوة الاحتلال.

منذ عرض فى سنة 1923 أول فيلم مصرى روائى طويل وهو «فى بلاد توت عنخ آمون» للمخرج الإيطالى فيكتور روسيتو، والسينما المصرية لا تناقش أبدًا أية قضايا سياسية أو وطنية، باستثناء فيلم «فتاة من فلسطين» الذى عرض فى نوفمبر 1948، لكن مع نظام عبدالناصر تجرأت السينما بقوة على اقتحام الأفلام السياسية، فاضحة الظلم الذى كان فى زمن الاحتلال، لكن ينبغى القول إن التأميم الذى طال الكثير من الشركات فى زمن ناصر أرعب صناع السينما الأجانب المقيمين فى مصر من منتجين وفنيين فغادروا القاهرة فى الستينيات، فتأثرت صناعة السينما كثيرًا بالسلب.

الغريب أن إقدام الدولة الناصرية على إنشاء المؤسسة العامة للسينما المصرية فى عام 1966 اختلف فى جدواها الفنانون أنفسهم، فقد قال لى المخرج كمال الشيخ فى حوار أجريته معه قبل ربع قرن إن هذه المؤسسة أضرت صناعة السينما بشدة، وأيده فى ذلك النجم فريد شوقى، بينما رأى المخرج صلاح أبوسيف أن هذه المؤسسة أسهمت بنصيب معتبر فى تطوير العمل السينمائى، فقد قدمت أفلامًا جادة متميزة لا يستطيع إنتاجها القطاع الخاص مثل «الزوجة الثانية» و«القاهرة 30» و»مراتى مدير عام»، و»سيد درويش»، و»جفت الأمطار»، و»غرام فى الكرنك» و«العيب»، و»قصر الشوق» و»البوسطجي»، و»أرض النفاق» و»قنديل أم هاشم» و»شيء من الخوف» و«حكاية من بلدنا» و«يوميات نائب فى الأرياف»، و«السيد البلطى»، و«نادية»، و»الأرض» وغيرها.

يبقى أن تعلم أنه فى عام 1952 أنتج المصريون 58 فيلمًا، وكان عددهم نحو 22 مليون نسمة، بينما تراجع الإنتاج فى 1970 فوصل إلى 46 فيلمًا فقط، رغم أن عددنا قد ارتفع إلى 32 مليون نسمة تقريبًا!

إن دراسة أحوال السينما خير بوصلة لفهم طبيعة المجتمع وتحولاته.