رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

تأملات

على مقاعد الدراسة بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية كان الدكتور أحمد يوسف أطال الله فى عمره يبهرنا بأدائه الراقى على المستويين الإنسانى والعلمى ويخطف أبصارنا وأذهاننا خلال محاضراته التى بقى الكثير من مبادئها مغروسًا فينا نستعيده ونعمل به فى الكثير من الأحيان.

من بين الأمثلة العبقرية التى أذكرها للدكتور أحمد ذلك المتعلق بأهمية عامل الوقت فى اتخاذ القرار، وبطريقته المعهودة فى تبسيط العلوم السياسية لطلبته الجدد الذين كنت أحدهم راح يشير إلى أن المرء قد يكون واقفا أمام محطة اتوبيسات ويتردد فى استقلال الأتوبيس الذى أمامه لسبب أو لآخر، كأن يكون مزدحمًا أكثر من اللازم مثلا، أو سيبعده عن وجهته بمسافة ما، وفيما بين لحظات التفكير والتردد تلك ينطلق الأتوبيس فى الوقت الذى يقرر فيه أن يركبه، ليكون قراره جاء فى وقت غير مناسب وفوت على نفسه فرصة كان يمكن أن تسهم فى وصوله مبكرًا إلى وجهته دون تأخير.

طبعا، الصيغة بسيطة ويفهمها رجل الشارع العادى أو أى إنسان بسيط وليس طالب السياسة فقط، ولكن الهدف كان تقريب الصورة للتأكيد على حساسية موقف صانع القرار على مستوى السلطة فى الدولة، أو حتى الإنسان العادى فى حياته بشأن الحرص على الرشادة فى قراراته فى الحياة وألا تتم بعد فوات الأوان.

على مستوى حياتى الشخصية عشت تجارب عديدة كنت أستعيد خلالها ما ذكره أستاذنا وكلها تؤكد على جوهر الفكرة وأهميتها سواء على مستوى الإنسان العادى أو المؤسسات غير السياسية أو حتى السياسية بالطبع. من ذلك مثلا أن ابنى كان يرغب فى التحويل من قسم لآخر بكلية الهندسة جامعة القاهرة وقدم طلبا بذلك فى بداية الفصل الدراسى، وكانت أهمية الطلب هو تحديد الموقف بشأنه سريعا، غير أن البت فيه تأخر ووصل إلى حد انتهاء جزء كبير من الفصل الدراسى فيما ابنى يدرس فى القسم الذى يرغب فى التحويل منه. عند هذه اللحظة بدا لى أن قرار الموافقة على طلبه لو تم سيصبح مشكلة من ناحية لصعوبة تعويض ما فاته فى القسم الجديد، ومن ناحية ثانية لضياع جزء كبير من جهده الذى بذله فى قسمه الذى يرغب فى التحويل منه، وهو أمر قد يؤثر على نتيجته النهائية بالسلب. تمنيت لحظتها ألا تتم الموافقة على طلبه لأن الأوان قد فات، وهو ما كان بفضل الله دون تدخل منا.

مثال آخر.. أواجه حاليا مشكلة مع البنك الأهلى المصرى نتيجة عملية مشتريات بالبطاقة الائتمانية وقد طالبت البنك باتخاذ إجراء معين منذ أكثر من شهرين ولأن عمليات البطاقات مدتها 55 يومًا ولأن قرار البنك تأخر فقد تصرفت على هذا الأساس درءًا لأى تبعات، غير أن البنك راح يصدر قرارًا بحل المشكلة بعد أن تعقدت الأمور ودخلت فى عمليات متنوعة يصعب فض الاشتباك بينها. لحظتها تمنيت أن يتراجع البنك عن قراره الذى جاء فى التوقيت الخطأ وتسبب فى مشكلة لى وله كبنك وصورته الذهنية أمام عميل مثلى.

أعتقد أنك لو فكرت على هذا الاساس الذى أقدمه لك فإنك لن تعدم الكثير من الأمثلة سواء على مستوى حياتك الشخصية أو فى مسيرة المؤسسة التى تعمل بها أو حتى على مستوى السياسة العامة التى تؤكد صحة المنطق الذى انطلقت منه فى سطور هذا المقال.. أهمية التوقيت فى اتخاذ القرار.. ليس بالإسراع أو الإبطاء.. فقد تكون السرعة نقمة والبطء إيجابيًّا، أو العكس، وإنما التناسب بين توقيت القرار والأثر الذى سيحدثه نتيجة اتخاذه.

هل تعتقد أن هذا الحديث يمكن أن ينصرف إلى الأزمة الكبرى التى تواجهها مصر حاليا بشأن سد النهضة؟ من ناحيتى أعتقد ذلك تماما. كيف؟ هذا ما يجب أن نترك تفصيله وتقديره لصانع القرار الحقيقى، ممثلا فى أولئك القائمين على رأس السلطة. حفظ الله مصر وحماها.

[email protected]