رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

يبدو أن ورقة التوت الأخيرة الساترة للولايات المتحدة فى أفغانستان قاربت على السقوط؛ بعد تقديم الكونجرس تقريراً عن أطول حرب فى تاريخ الولايات المتحدة..وها هو جو بايدن رابع رئيس للولايات المتحدة يواجه مسألة ما يجب فعله حيال تدهور الوضع فى أفغانستان. بعدما وافقت إدارة ترامب على إزالة جميع القوات الأمريكية بحلول الأول من مايو، كجزء من عملية أوسع تهدف إلى إنهاء الحرب الأهلية هناك؛ والآن على بايدن أن يقرر ما إذا كان سيحترم هذا الالتزام، أو يتراجع عنه تماماً، أو يركل الكرة عن الطريق قليلاً.

 وبالطبع الرحيل عن أفغانستان ليس تحقيقاً لحرية الشعوب؛ ولكن لأن تكلف هذه المهمة حالياً أكثر من 50 مليار دولار سنوياً، ويبرر الرافضون انسحاب الولايات المتحدة بأن ذلك قد يسمح للقاعدة بـ«الظهور من جديد»؛ وأن أفغانستان يمكن أن تصبح مرة أخرى «ملاذاً آمناً» للتنظيم، وهذا التبرير ليس مقنعاً على الإطلاق، فطالبان اليوم لن تمنح القاعدة حرية مهاجمة أمريكا؛ إلى جانب أن أفغانستان ليست المكان الوحيد الذى يمكن للقاعدة أو فروعها العمل من خلاله؛ وهناك الكثير من الحكومات الأخرى التى لا تستطيع السيطرة الكاملة على الإرهابيين المحتملين داخل حدودها، بما فى ذلك الولايات المتحدة نفسها، وإذا تمكنت أمريكا من تحويل أفغانستان إلى نسخة طبق الأصل من الدنمارك بين عشية وضحاها، فلن يقضى ذلك على المخاطر التى قد تنشأ من أماكن أخرى.

وإذا غادرت الولايات المتحدة أفغانستان، فإن أعضاء القاعدة سيظلون هناك، ولن تستطيع الحكومة الأفغانية السيطرة عليهم بشكل كامل؛ مع الأخذ فى الاعتبار أن «طالبان لا تزال المجموعة السياسية والعسكرية الأكثر تماسكاً وانضباطاً» فى البلاد، وأن عقدين من التدريب والمساعدة المادية الأمريكية لم يخلقا بعد قوات أمن أفغانية قادرة على الاحتفاظ بها. ولأن الأمريكان يجيدون صنع الأكاذيب والظهور فى صورة الحمل؛ لذلك كان تقرير الكونجرس يجمل الانسحاب معطياً إياه غطاء إنسانياً براقاً؛ فما يقال عن المساعدة على قيام دولة أفغانية مستقلة وديمقراطية وذات سيادة؛ الهدف منه لا يخرج عن كونه وسيلة لمنع القاعدة أو الجماعات الإرهابية الأخرى من مهاجمة الولايات المتحدة. ومنع المخدرات غير المشروعة والهجرة الجماعية من تهديد الولايات المتحدة أو حلفائها أو جيرانها؛

أما مطالبة التقرير بدعم وحماية الأقليات وحقوق المرأة وإدارة النزاعات المحلية سلمياً من خلال «المؤسسات المدنية المسئولة» فهو مغازلة صريحة للمثاليين الليبراليين والعاملين فى المجال الإنسانى. وأطروحة أن يصبح الأفغانيون أقل اعتماداً على المساعدة الدولية بمرور الوقت؛ هى بند مصمم لإرضاء أعضاء الكونجرس الذين قد يقلقون بشأن النتيجة النهائية. لذلك فإن الانسحاب هدفه الأول والأخير إيجاد وسيلة لمنع الهجمات الإرهابية على الولايات المتحدة؛ وتلك فى الحقيقة هى المصلحة الحيوية التى تبرر استثماراً كبيراً للدم أو الثروة؛ وهو فى الواقع الشرط المسبق لإنهاء الدور الأمريكى الحالى فى أفغانستان؛ وبالطبع بالنسبة لبايدن أو الكونجرس المصلحة الأمريكية الأولى هى احتواء أنشطة الجماعات الإرهابية التى لا تزال نشطة فى أفغانستان، ويمكن أن تهدد الأمريكان؛ وبالتالى سنعود إلى النقطة صفر وهى أن سحب القوات الأمريكية بشكل غير مسئول سيؤدى على الأرجح إلى حرب أهلية جديدة فى أفغانستان، ودعوة لإعادة تشكيل المناهضين للولايات المتحدة. وللأسف إن الأمر على أرض الواقع يؤكد أن طالبان لديها رفاهية التحكم فى وتيرة الصراع؛ بل تحتفظ بخيار الانتظار؛ لإنها تعرف أن الولايات المتحدة وحلفاءها سوف يغادرون فى نهاية المطاف؛ تماماً كما فعل البريطانيون فى القرن التاسع عشر وفعل السوفييت فى عام 1989؛ بل إنها ستكون فى وضع يسمح لها بالمطالبة بحصة أكبر من السلطة السياسية.

 ومع ذلك، فإن رغبة طالبان فى الشرعية الدولية قد تمنح واشنطن قدراً متواضعاً من النفوذ على المدى القريب، لكنها لن تسمح للولايات المتحدة بتحديد مستقبل أفغانستان السياسى على المدى الطويل. ويبدو أن على أمريكا بذل جهد دبلوماسى للحصول على تأييد الهند وباكستان وإيران واللاعبين الإقليميين الآخرين للخروج من مستنقع أفغانستان؛ وخاصة إذا كانت إدارة بايدن جادة فى مواجهة الصين الصاعدة، وبالتالى تقليص خسائر الولايات المتحدة فى أفغانستان وتركيز الموارد المحدودة؛ التى تشمل وقت الرئيس وعرض النطاق الترددى للسياسة الخارجية للإدارة ؛ وهذا التحدى سيكون مساراً أكثر حكمة من مواصلة الوجود هناك.