عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

رؤيــــــة

أرى أن التغيير الحقيقى لأى مجتمع لا يكون بلا تنوير، والتنوير الحقيقى لا يكون بلا جماهير... التنوير الفاعل هو التنوير الذى يستطيع الوصول إلى وعى وذهنية وفكر النخبة المحركة للمجتمع التى وصفها هنتنغتون بأنها: «محرك التاريخ».

 مَن ينظر إلى واقع المجتمعات العربية لا بد أن يصاب بالإحباط ؛ جراء هذا العداء المستشرى لكل الأولويات والقواعد التى تتأسس عليها الحقوق الإنسانية فى العالم المتحضر.

ولا شك أن حالة هذا العداء قد تظهر فى صورة مقولات لفظية، تصدر كشعارات أو حكم عن رموز التيارات المحافظة غالبا، فتصفق لها الجماهير، وقد يظهر فى صورة فعاليات واقعية، حيث التعصب العملي/الفعلى للانتماءات المتخلفة ( ما قبل المدنية )  مع الأسف أن (غالبية) النظم وقيادات المجتمعات العربية قد مارست عبر التاريخ الأحدث عملية تغيير وعى الجماهير لتصفق لها وتسبح بحمدها وتمجدها ، وعندما أفاقت من غفلتها ( نصف إفاقة) ظهر ربيعها القصير بإرادة التغيير .. ولكن (عقود) التجهيل جعلت الأرض يبابا بغير ثمر !!

يقول د. أحمد شكر الصبيحى - مشيرًا إلى استشراء مجموعة من الانتماءات المتخلفة فى الواقع العربى البائس: «إن المجتمع العشائرى أو القبلى أو الأبوى الممتد لا يمت بصلة إلى المجتمع المدني، وإن جدلية العلاقة بين القبيلة والمدينة فى طول الوطن العربى وعرضه هى دائما لصالح القبيلة وامتداداتها العشائرية والعائلية. وهذا ما يجعل المجتمع المدنى الذى هو، تعريفا وممارسة، نقيض القبيلة وابن المدينة يتراجع كلما نشأت أزمة بينه وبين القبيلة»

وعليه ، فالمجتمع الذى قد يتظاهر بمستوى ما من تجليات الظاهرة المدنية، يتراجع لصالح القبيلة فى أى صراع، أى يرجع إلى ثقافته الجماهيرية الأعمق التى لم تتغير، يرجع إلى تعصباته ولو من خلال مؤسسات مدنية يُفتَرض أنها تحدّ من توحش هذه العصبيات.

يعتقد كثيرون أن النخبة القليلة التى تتمتع بقدر ما من الثقافة المدنية العصرية قادرة على التأثير على توجهات المؤسسات المدنية لممارسة وظائفها المدنية وفق الأنظمة والقوانين المعلنة؛ حتى لو كانت الثقافة الاجتماعية السائدة تعمل فى الاتجاه المضاد لهذه القوانين... وأرى أن ذلك يمثل تفهم واستنتاج غير واقعى ومتجاهل لمدى قدرة الوعى العام على ممارسة الضغط فى مسألة تكييف التشريعات الحاكمة والمنظمة للتفاعلات البشرية ، وعلى تعديل مجريات الأحداث داخل هذه المؤسسات، كما يتجاهل أن المثقف المبرمج الحافظ  ليس بالضرورة يمتلك وعيا تقدميا، بل الغالب أنه ابن بيئته الثقافية، لا ينفصل عنها – إن انفصل – إلا بشكل هامشي

وعليه ، لابد من ممارسة الفكر النقدى التنويرى على تأثير الموروث بواقعية موضوعية و حماس فاعل فى سياق جماهيرى متعاطف مع هذا النقد ، وتماهيًا مع  خطاب التنوير الغربى فى كل مراحله لخلق «حالة تنوير» خاصة، متوائمة مع التحولات المستجدة فى عالم اليوم. ولنتأكد أننا بدون هذه الخطوات الصعبة لن نصنع تنويرًا جماهيريا، ومن ثم، لن نصنع عالمًا إنسانيِا؛ مهما استوردنا من الأشكال/القوالب المفرغة من الأهداف المأمولة من بسط الفكر التنويرى .

 

[email protected]