رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

منذ سبتمبر 2020 والكثيرون من متابعى السياسة لا يصدقون رؤيتهم لعشرات الآلاف من الإسرائيليين يحتشدون فى مراكز التسوق والشواطئ فى أبو ظبى ودبي؛ بينما وقف الإماراتيون لالتقاط صور سيلفى فى القدس؛ بل خلط منسقو الأغانى الإسرائيليون الموسيقى أمام حشود من المحتفلين فى برج خليفة بدبي؛ والطريف أن هناك دعوات لاستضافة عدد متزايد من حفلات الزفاف الإسرائيلية فى دبى. قد يقول البعض أنها نوع من السياحة العادية ؛ ولايلتفتون الى وزنه الجيوسياسي؛ الذى يعد بمثابة تعبير واضح عن الحد الذى وصل اليه التأثير الدبلوماسى العميق لاتفاق التطبيع بين الإمارات العربية المتحدة وإسرائيل. إن ماحدث ليس باتفاقية دبلوماسية رفيعة المستوى  لكنها كانت أكثر من ذلك بكثير؛ فلقد شكلت تحولا فى الولاءات الوطنية؛ فالإسرائيليون والإماراتيون ليسوا مجرد شركاء حذرين؛ بل أصبحوا حلفاء مقربين بشكل كبير؛ وإذا كانت إسرائيل قد وجدت من قبل طرقًا للتعايش مع الأنظمة العربية؛ فهذه المرة  ربما وجدت صديقًا حقيقيًا.

فتلك الأتفاقية أكثر الاتفاقيات التى وقعتها إسرائيل شمولية ؛ فماحدث من قبل مع الأردن ومصر ، فى السبعينيات والتسعينيات ، كانت اتفاقيات مدفوعة بالحاجة إلى الحفاظ على السلام على اثنين من أكثر الحدود إثارة للجدل فى العالم. وكانت معظم الدول العربية تلتزم بمبادئ مبادرة السلام العربية المتفق عليها لأول مرة فى عام 2002 وأعيد إقرارها فى عام 2017 ، والتى نصت على أن التطبيع مع إسرائيل لن يحدث إلا إذا تراجعت عن الأراضى المحتلة ودولة فلسطينية مستقلة ؛ تكون القدس كعاصمة لها. ولكن الإمارات تراجعت عن هذا الالتزام؛ من خلال التوقيع على الاتفاقات ، بل وانفتحت على إسرائيل بمجرد التأكيد على أن إسرائيل ستتوقف عن التعدى على الأراضى الفلسطينية؛ خاصة أن إسرائيل أكدت لاحقًا أن الضم قد تم تعليقه الأن ولكن لم يتوقف تمامًا. بل أن موافقة الإمارات على هذه الشروط أعطى ذريعة لثلاث دول أخرى - البحرين والسودان والمغرب - لإصلاح العلاقات مع إسرائيل فى الأسابيع التالية. والأخطر مايراه المحللون فى الغرب من أن الإمارات قد تعمل أيضًا على إقناع بشار الأسد بتوقيع معاهدة سلام مع إسرائيل؛ وخاصة أن النظام السورى ، الذى يدعى معارضة إسرائيل إلى جانب إيران ، امتنع عن إدانة الصفقة بشدة.

بالطبع هناك أسباب عديدة تغذى التقارب الإماراتى مع إسرائيل؛ فالإمارات تسعى لتحقيق طموحاتها الإقليمية؛ وهناك من يعذى فكرة أن كلا من إسرائيل والإمارات تواجهان تهديدًا عسكريًا من إيران. وخاصة أن إيران  وسعت نفوذها من طهران عبر العراق وسوريا وصولاً إلى لبنان. يسيطر حزب الله ، وكيل إيران ، على جنوب لبنان وثمة أعتقاد بأن علاقة أوثق مع إسرائيل ستعمل على تعميق العلاقات المستقبلية للأمارات مع الولايات المتحدة. والإمارات العربية المتحدة ينظر اليها أمريكيا الآن على أنه صانع سلام إقليمي. لقد أضفت الصفقة الطابع الرسمى على علاقة واسعة بالفعل بين الإمارات وإسرائيل. فالبلدان كانا يتعاونان بالفعل منذ عقد فى مبادرات السياسة الخارجية. ويبدو فى النهاية أن ثمة  تحولات فى الولاءات الوطنية للشعوب وأن الخريطة الجيوسياسى ستتغير فى غضون السنوات القادمة بشكل سيذهل الجميع ؛ وقد يبكيهم أيضا كل حسب قناعتهم السياسية.