انفجرت ثورة 19 باعتقال سعد وأصحابه فكانت القارعة التى بحث عنها سعد وخرج الطوفان طلبة وعمال وفلاحون وموظفون وسيدات والتحمت مصر بكافة طوائفها وألوانها المختلفة خلف سعد؛ فكانت الأغنية الصوت الأعلى تعبيرًا وانفعالًا وتداولًا، وكان سيد درويش ومنيرة المهدية وبديع خيرى ويونس القاضى وحسن فايق، وكما عبرت الأغنية عن الظلم الذى تعرض له المصرى فى اختطافه القسرى خارج بلاده والاشتراك فى حرب لا علاقة بها حينما انتشر الموال الشهير يا عزيز عينى وأنا بدى أروح بلدى، بلدى يا بلدى والشرطة خدت ولدى هكذا غنى الشيخ سيد ولما منعت سلطات الاحتلال ذكر اسم سعد صدح سيد درويش يا بلح زغلول يا حليوة يا بلح، الله أكبر عليك يا سكر زغلول يا بلح، ليغنيها كل الشعب ويصدح بها كل الباعة فى كل قرية وكل حارة وزقاق فلا يغيب ذكر سعد، وكانت مساهمة منيرة المهدية فى هذا الصدد واسعة إذ استغلت خشية قوات الاحتلال من غلق مسرحها فغنت الأغنية الشهيرة
شال الحمام حط الحمام من مصر حتى السودان
زغلول وقلبى مال اليه، انده له لما احتاج اليه
عشق الزغاليل غيتى، وحبهم من قسمتى
وبالطبع يتوقف الجمهور طويلاً أمام زغلول وقلبى مال اليه وقد انتشرت تلك الأغنية انتشارًا واسعًا وهى من كلمات يونس القاضى والحان القصبجى، وكذا غنت منيرة المهندية لنفس المؤلف والملحن طقطوقة توت عنخ آمون ،
ظهرت غرائب فى الاثار خلت جميع الناس تحتار
ووصفى كم حير أفكار احنا أبونا توت عنخ آمون
وليه تزيد انت عليا، دى بلادنا مهد الحرية
ومصر أم المدنية، واحنا أبونا توت عنخ آمون
وبالطبع يبقى الدور الوطنى الكبير الذى اداه ابداع سيد درويش وكلمات بديع خيرى فى التعبير عن المصريين وأشواقهم ومختلف الصنايعية وآلامهم وطموحاتهم، فمع قيام الثورة قدم بديع مع سيد دروش مع فرقة نجيب الريحانى استعراضات، ولو، قولوله، اش، كله من ده، ورن، فشر على كيفك وذلك خلال عام 19، ومن خلالها غنوا أغانى – المعتقلين والبائعات ولحن المؤاجرين وأبو الكشاكش والبياعين والشيالين والكناسين والمراكبية والمجانين وده باف مين اللى يالس على بنت مصر وسالمة يا سلامة روحنا وجينا بالسلامة والحلوة اهى قامت تعجن فى البدرية ولحن المغاربة ولحن السقايين ولحن الوارثين ولحن العربجية ولجن الجزارين والعوالم والآلاتية ولمامين السبارس ويا ورد على فل وياسمين اقرا يا سى الفقاعة تلغراف آخر ساعة وبالطبع الاغانى الخالدة
هو ده اللى صار وادى اللى كان، ملكش حق تلوم عليا
تلوم عليا ازاى يا سيدنا وخير بلادنا مهوش فى ايدنا
و قوم يا مصرى مصر دايما بتناديك
خد بنصرى نصرى دين واجب عليك
اوعى سعدى يروح هدر قدام عينيك
شوف جدودك فى قبورهم ليل نهار
من جمودك كل عضمة بتستجار
فين اثارك يا اللى ضيعت الاثار
وبالطبع نستطيع ان تلحظ دعاوى الحداثة فى مواجهة الظلام والتخلف فى كلمات من جمودك كل عضمة بتستجار وكذا لم ينسوا ذكر اسم سعد فى ثنايا الاغنية، وكان العمل الخالد بلادى بلادى، لك حبى وفؤادى والذى كان نشيدا للثورة أيضًا وقد اصبح السلام الوطنى الان ويختلف الرواة حول نسبة كلماته إلى يونس القاضى أو بديع خيرى، استطاع سيد درويش قطعا تحويل الموسيقى الشرقية من التطريب إلى التعبير ونقل الغناء من القصور إلى الشارع وبحس الناس وصوتهم وانينهم فكان ثورة داخل الثورة،– مات سيد درويش بعد ان انتهى من اعداد اغنية استقبال سعد فى سبتمبر 1923 الاغنية الشهيرة، مصرنا وطنا سعدها املنا كلنا جميعا للوطن ضحية -اجمعت قلوبنا هلالنا وصليبنا، ان تعيش مصر عيشة هنية.