رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

على فكرة

حملة النقد التى رافقت نشر صحيفة الشرق الأوسط لسبع حلقات موجزة من الجزء الثانى من مذكرات عمرو موسى «كتابيه» الذى حمل عنوان «سنوات الجامعة العربية»، لم تنتظر الاطلاع على الكتاب رغم صدوره قبل بضعة أسابيع عن دار الشروق. بل إن بعض من شارك فى تلك الحملة امتلك الجرأة للقول إنه لم يقرأ الكتاب، لكنه قرأ فقط رد «ناجى صبرى الحديثى» آخر وزير خارجية للعراق قبل الغزو الأمريكى على عمرو موسى. 

 وفى رده ينفى  «الحديثى» ما ذكره «موسى» عن لقاء تم بينه وبين صدام حسين، لإقناع الأخير بعودة المفتشين الدوليين إلى العراق تجنباً للحرب عليه. ومن ثم شرع هؤلاء سيف النقد، وتنقلوا من الهجوم على شخص موسى، وما وصفوه بنرجسيته وشغفه بالاستعراض السياسى والطعن على مصداقيته، دون تفرقة واجبة بين أن يكون الشخص واثقاً بنفسه، معتزاً بقدراته وخبرته المهنية المتراكمة، وما ذهبوا إليه، إلى الهجوم على عصر مبارك بأكمله، وتحميله المسئولية كاملة عن غزو العراق واحتلاله، لماذا؟ لرفض السياسة المصرية الغزو االعراقى للكويت، والمشاركة فى تحريرها، واعتراضها على السياسات العراقية المغامرة، التى لا تحسب جيداً حساب خطر الأطماع الاستعمارية الغربية فى ثرواتها.

 كلهم ملائكة، ما عدا عمرو موسى، وما حمله على كاهله من تاريخ للسياسة المصرية والعربية على امتداد نحو خمسين عاماً كان شاهداً عليه ومشاركاً فى صنعه. ولو أن الوزير الحديثى تمهل ليقرأ الكتاب، لوجد أن كثيراً مما انتقد غيابه فى رواية عمرو موسى لزيارته لبغداد ومقابلته لصدام حسين، وما اعتبره نقاطاً مغايرة للحقيقة قد ورد فى الكتاب موثقاً بشهادات من حضروا المقابلة، ومنه على سبيل المثال أنه هو من رتب لزيارة موسى، واستقباله وغير ذلك من تفاصيل شكلية، أوغل رد الوزير الحديثى فى التوقف عندها، مع أنه لا تعارض بين أن يكون الأمين العام للجامعة العربية، بحكم موقعه الوظيفى، يفكر فى زيارة العراق والحرب على أبوابه، وأن يبحث الزيارة مع الأمين العام للأمم المتحدة، ومع غيره من قادة الدول لاستئناف عمل المفتشين الدوليين الذين كان وقف العراق عملهم ذريعة للغزو، وبين أن الوزير الحديثى هو من رتب لتلك الزيارة. 

الأغلب الأعم أن السخط الذى انطوى عليه رد الوزير الحديثى مبعثه الوصف التفصيلى الذى أورده الكتاب لمقابلة موسى مع الرئيس صدام، وما بدا من غضبه وحدته وهو ما أكدته شهادة أحمد بن حلى الأمين العام المساعد للجامعة المكتوبة والصوتية، لرفض صدام عودة المفتشين الدوليين، باعتبار أن تلك العودة تشكل من وجهة نظره انتهاكاً لسيادة العراق وحرمة أراضيه، وهو ما اعتبره موسى عدم تقدير من القيادة العراقية لحجم المخاطر المحدقة ببلادها.

ولعل الوزير الحديثى واحد من كثيرين ممن يقدسون صدام حسين، ولا يقبلون عليه ما يخل بتلك القداسة، حتى لو كان قول الحقيقة، ولو أن صدر الوزير الحديثى كان متسعاً، لرأى الجانب المشرق فى هذا الغضب العارم، وهو خوف عمرو موسى على العراق وفزعه مما هو مرسوم له فى دهاليز السياسة الأمريكية، وهو ما حدث بالفعل. 

بعيداً عن الترصد الذى يكمش تحت الجلد، وينفجر سيولاً عشوائية تتناثر فى الفضاء العام، مع كل سجال بين مسئولين عربيين، أقول بعيداً عن كل ذلك، لا يستطيع أحد أن ينكر أن «عمرو موسى»، هو واحد من أبرز الدبلوماسين فى الساحة العربية، وأكثرهم حضوراً وألقاً، إن كان ذلك فى موقعه،كوزير للخارجية المصرية (1991-2001) أو أميناً عاماً للجامعة العربية (2001-2011)، وكتابه الجديد «سنوات الجامعة العربية» وثيقة مهمة، تبرز كيف تلاعبت القوى الغربية بالمصالح العربية، لتحفزنا على التعلم من أخطائنا، بدلاً من التنابز بالألقاب!