رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

ضوء فى آخر النفق

 

 

 

شرعت وزارة التربية والتعليم فى تنفيذ مشروع التعليم عن بعد لطلاب الثانوية العامة، وسلمت لهم أجهزة «التابلت»، وطلبت منهم أن يذهبوا للحصول على شريحة من إحدى شركات الاتصالات لتركيبها عليها، حتى تتدفق المعلومات كلها أمامهم. لا أناقش الآن جدوى عملية التعليم عن بعد -وإن لم تكن جزءًا من ثقافتنا– لكن يلفت النظر أن كثيرا من الجهات فى الدولة- عدا المؤسسة العسكرية بالطبع - تتعامل مع الجمهور بما يمكن أن أسميه إهدار الوقت والصحة. هناك لامبالاة شديدة جدا من قبل كثير من المسئولين!

-المشهد كان مربكًا.. وفوق الخيال.ففى زمن الـ(كوفيد 19) أو الكورونا لاينبغى أن تدفع الناس لتكون لديهم أولوية غير الصحة العامة. فمن يقف أمام شركة الاتصالات للحصول على شريحة التابلت المدرسى، فإنه بالضرورة مع الزحام ومع الوقت الطويل فى الانتظار ومع الإرهاق والتعب ومع عدم توافر أماكن للجلوس والانتظار.. الخ، لن ينشغل بتحقيق التباعد الاجتماعى، ولن يفكر فى مخاطر انتقال العدوى من مريض إلى سليم، وكل ما سيهتم به فقط هو كيفية الخلاص من هذا المأزق، والحصول على الشريحة إياها والعودة إلى بيته سعيدا بإنجازه الصعب الذى كان مستحيلًا خلال سويعات الانتظار!

- لماذا حدث الأمر على هذا النحو؟ لماذا يعلو كعب الفكر العشوائى على العمل المؤسسى؟ كان ممكنا أن تقوم الوزارة أو الشركة بتسليم الطالب الجهاز بالشريحة بحيث يتسلمه كما يتسلم الكتب من المدرسة. كان ممكنًا تكليف أحد مهندسيها المتخصصين لتسليم الأجهزة للطلبة، وذلك خلال ورشات عمل جماعية للطلاب فى الفصول. كان ممكنا أيضًا ان يتسلم الطالب الشريحة كما يتسلم خط هاتف محمول يشتريه من الشركة من نفس مدرسته، على ان يكون متضمنًا طريقة التشغيل، ويدفع عنه المقابل المحدد ؟ لماذا هذا التوتر الدائم واشغال الناس ووضعهم دومًا على أعصابهم فى تعاملاتهم مع الجهات المختلفة! فى عصر ملىء بالضغوط والقسوة كعصرنا الحالى لماذا لا نتخلى عن التفكير العشوائى؟ لماذا يختلف الحال عندما يسند الأمر إلى جهة عسكرية؟ فمثلا تنشئ الهيئة الهندسية طرقا وجسورا رائعة، فى أوقات قصيرة وبطريقة تختصر أيام وشهور الازعاج الشديد بفكر مؤسسى، لكن لانراه مثلا فى مستشفيات التأمين الصحى التى يتكدس فيها المرضى والمصابون والراغبون فى الحصول على الدواء أو الفحوصات أو الإجازات؟ 

لماذا هذا العذاب؟ كان ممكنًا مثلاً اختيار الملصق الإليكترونى للسيارات على أساس ملفاتها المسجلة بالمرور وبلا إجراءات وتعقيدات؟ لماذا يهدر الناس يومًا كاملًا فى رحلة البحث عن الملصق؟

-الشرائح الالكترونية المسبقة الدفع لعدادات الكهرباء إذا عطبت على الناس أن يهدروا وقتهم فى طوابير أمام شركة الكهرباء وقد يضطرون للعودة إلى بيوتهم لجلب أرقام العدادات والشاسيهات، بعد أن يكونوا وقفوا من»صباحية ربنا على لحم بطونهم « فى طابور طويل عريض لايراعى لا أمان ولا سلامه ولا صحة ولا تباعد إجتماعى؟ فيكررون مأساتهم فى يوم آخر لان أعداد المراجعين تفوق طاقة المخصصين للعملية، فبقيتهم -غالبًا- «بيقزقزوا لب أو يقشروا سودانى أو بيقطفوا ملوخية ويعملوا محشي!

-الشمس تشرق كل يوم، لكن البعض أبدًا لا يراها، فنحن نرى جهة تشق طرقا وتقيم جسورًا بفكر مؤسسى، ونرى أيضًا من يفتحون بطون الشوارع بشكل عشوائى ثم يتركونها كالأرض الخراب!