رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

أوراق مسافرة

ماما ما تنسيش تيجبى معاكى شوية من «السيكو سيكو»، اضحك من قلبى وارد «طب والوزن»، يقول: بلاش الفطير المشلتت، اواصل الضحك وارد: دى تضحية كبيرة، يقول: الفطير هيخلص بس «السيكو سيكو» بيفضل معايا وبيسلينى فى ليالى الغربة الطويلة الباردة وبيرجعنى لأيام الطفولة الحلوة.

جمل يتكرر مضمونها من أولادى الثلاثة حتى الآن حفظهم الله، وانا اعد حقيبة سفرى اليهم كل بضعة اشهر، أما «السيكو سيكو» فهى مجموعة قصص المغامرات البوليسية والاستخباراتية «الرجل المستحيل» لكاتبها الراحل المميز نبيل فاروق، ومجموعات الألغاز البوليسية « المغامرون الخمسة « للكاتب محمود سالم، وكان ابنى الأوسط الذى اصبح ضابط شرطة والصغرى التى صارت محامية دولية الأكثر لهفة وتعلقا بقراءة تلك المجموعات، وكأن القدر كان يعدهما للمستقبل الشرطى والقانونى، أما ترميز القصص بـ«السيكو سيكو» فهى دعابة لأنهم كبروا ولا يريدون الشعور بحرج الحنين للطفولة بإعادة قراءة تلك المجموعات التى قرأوها فى طفولتهم وصباهم، حيث كنت احرص على شرائها لهم كلما نزلنا إجازات الصيف من هولندا للوطن الحبيب، وكانت تلك الحكايات رفيقا رائعا فى الغربة.

ليس الهدف من كلماتى استعراض لسيرة ذاتية، بل لمناسبة رحيل الكاتب المتميز صاحب روايات «الرجل المستحيل» والتى أججت شعلة الذكريات، وجعلتنى أتحسر على أبناء الأجيال الجديدة، لأن أغلبهم لا يهوى أى قراءة قدر هوايتهم لمشاهدة فيديوهات تافهة على مواقع التواصل الاجتماعى، أو التسكع فى الميادين، ويسخرون من تلك النوعية من القصص ويعتبرونها ساذجة، رغم أنها تلعب دورا كبيرا لتنمية الوعى والخيال الإيجابى وروح الانتماء للوطن، وتعمق لديهم الضمير الواعى لمحاربة خونة الوطن وكل أشكال الجريمة والفساد، وليس بالضرورة تقمص شخصيات أبطال الروايات، ولكن على الأقل تربى لديهم الوعى صغارًا وتجعلهم كبارًا يرفضون ويتصدون لكل ما يضر بالوطن.

الكاتب الراحل نبيل فارق، صنع فى رواياته بطلا مغامرا «ادهم صبرى» أو الرجل المستحيل الذى يتحدى الموت وكل الصعوبات لأجل الوطن ويجيد كل فنون القتال، ويستخدم عدة أنواع من الأسلحة والمراكب والغواصات والطائرات، ويتحدث عددًا من اللغات واللهجات ومهارات أخرى، ويسخر أدهم صبرى كل إمكانياته لكشف مؤامرات الاستخبارات الأجنبية والأخطار التى تهدد بلده مصر، فى مغامرات تطوف أرجاء الأرض، مصحوب بفريق عمل لا يقل عنه وطنية، وبجانب وطنيته فهو متدين وملتزم بأداء الصلاة بين أحداث القصة، أليس هذا نموذجًا لشخص يرغب كل طفل سوى فى أن يصبح مثله.

وهذه قصص المغامرون الخمسة، وهم صبية أصدقاء لكل منهم ميزة عقلية أو بدنية، ويكملون بعض، محب وأخته نوسة، عاطف وأخته لوزة، وتوفيق الملقب بــ»تختخ» ومعهم كلبه زنجر، يقيمون بالمعادى، ويتدخلون لمساعدة الشرطة فى حل الجرائم الغامضة والإيقاع باللصوص وإنقاذ المظلومين، واعترف إننى من نقلت لأولادى حب القراءة، خاصة تلك النوعية، والتى تطورت معى ثم معهم فيما بعد إلى قصص أجاثا كريستى والفريد هيتشكوك وغيرها، والألطف من ذلك حين تصادف وأقمت بأسرتى بضعة أعوام بالمعادى، كانوا يتعمدون السير فى الشوارع التى ورد ذكرها فى قصص المغامرون الخمسة، وكأنهم يبحثون عن وجود حقيقى لتلك الشخصيات.. إلى هذا الحد لعبت القصص بخيالهم.

وحتى الآن يجدون المتعة فى أن أحمل لهم من تيسر من تلك الروايات، ولا يملون من إعادة قراءتها فى أوقات فراغهم، رغم مغريات العولمة، والهواتف الذكية وشبكات الإنترنت السريعة هناك والتى يمكن أن تلهيهم عن حكايات ومغامرات صبيانية، والان ماذا يقرأ أبناء هذا الجيل، ومن الذى يهتم بخلق شخصيات جديدة وروايات تجذب الأطفال والمراهقين بدلا من الضياع فى عوالم افتراضية خلقت لدى كثيرين منهم السطحية وإدمان ألعاب الفيديو، والجنوح إلى العنف والفراغ النفسى.. وحتى إن وجد كاتب مثلى أو غيرى الفرصة ليكتب لأولادنا، من الذى سيمول تلك الإصدارات ويروج له..ومن هنا أطالب بخروج مشروع قومى ثقافى لإعادته الكتابة للطفل والمراهقين لجذب تلك الأجيال للقراءة حفاظا على هويتهم وعلى مستقبل وطن.

[email protected]