رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

 

تأسرنى مسيرة المُجددين من علماء الدين، وأؤمن أن مصر بمقوماتها الحضارية وتفردها التاريخى يُمكن أن تصبح مركزا لتجديد الفكر الديني، ولقهر قوى الإرهاب وجماعات الخراب والظلام قهرا نهائيا.

لقد كتبت مرارا أن المواجهة مع الإرهاب لا يُمكن أن تقتصر على المواجهة الأمنية فقط. صحيح أن ملاحقة عناصر الشر بسلطة القانون ضرورة لازمة، وصحيح أن الغالبية العظمى من تيار التطرف الدينى تمقت الحوار وترفض المواجهة الفكرية، لكننا فى حاجة ماسة وملحة لاستعادة الفكر الدينى الوسطى القادر على إقرار المصالحة بين التراث وبين الحياة العصرية الحديثة.

إن أحد أهم مفارخ الإرهاب الذى يولد كل يوم، متعصبون قُساة يعادون السلام والحياة ويعتقدون أنهم ينصرون الدين، هو ذلك الجمود السائد فى الفكر الدينى منذ عدة عقود. فبين فكر الجمود وجمود الفكر تتردى أحوال المجتمعات وترتد للقرون الوسطى بحثا عن حلول غالبا ما تصطدم مع الواقع وتُسيء للدين وتُحمله تفسيرات البشر الذين عاشوا فى تلك الأزمنة.

أتصور أننا خسرنا مدرسة العقل فى الفكر الدينى بدءا من الإمام المجدد محمد عبده، والشيخ على الخفيف، والشيخ مصطفى عبد الرازق، والعلامة محمد أبو زهرة، والشيخ عبد المتعال الصعيدي، وغيرهم ممن سعوا إلى تحرير الفكر من الجمود والنظر إلى العقل باعتباره من أفضل القوى الإنسانية.

وعلى حد تعبير الإمام العظيم محمد عبده، فقد « كان الدين ينطلق بالعقل فى سعة العلم، ويسبح به فى الأرض، ويصعد به إلى أطباق السماء ليقف به على أثر من آثار الله، فكانت جميع الفنون مسارح للعقل تقتطف من ثمارها ما تشاء، فلما وقف الدين وقعد طلاب اليقين، وقف العلم وسكتت ريحه.»

وفى اعتقادى فإن تنظيمات إرهابية وانتهازية تخاصم العقل مثل الإخوان، الجهاد، القاعدة، طالبان، وداعش تغذت جميعا من مستنقع الجمود المتسع، والبارز كأنه أصل الدين وأساس الفكر الديني. فعندما يُنحى العقل ويقيد الاجتهاد يُصبح مُنظرو الجهل أكثر قدرة على اصطياد زبائنهم. وحسبنا أن نتدبر فى تكرار أوامر الله فى القرآن الكريم بالتدبر والتفكر والتعقل لندرك أن مدرسة العقل يجب أن تعود لتقود الفكر الديني، وهو ما يتطلب تكاتفا وتعاونا حقيقيا بين مؤسسة الأزهر وبين الدولة.

من هُنا، فإننى لا أتحرج أبدا عن القول بضرورة أن يطال الإصلاح المؤسسى الأزهر، باعتباره منبر الفكر الدينى المستنير، وحسبنا أن نتذكر أن الإمام محمد عبده نفسه قال قبل أكثر من قرن من الزمان « إن بقاء الأزهر على حاله فى هذا العصر محال، فإما أن يعمر أو يتم خرابه. وإنى أبذل جهد المستطيع فى عمرانه، فإن دفعتنى الصوارف من اليأس من إصلاحه فإننى لا أيأس من الإصلاح الإسلامي».

بالطبع فإن هناك مقاومة دائمة ومتكررة من بعض المنتفعين بحالة الجمود، وهى مقاومة تتعمد أن تخلط بين الإصلاح الديني، وهدم الثوابت، أو بين التجديد فى الفكر، وازدراء الأديان.

لكن ذلك كله لا يجب أن يُشتت نوايا الإصلاح أو يرهبها، فمصر كما أكرر وحدها يُمكن أن تصبح مركزا لقيادة العالم الإسلامى لإصلاح دينى حقيقى يرتكز على استعادة مدرسة العقل وإيقاظها وتشجيعها للانطلاق. فمنها أطل المصلحون والعباقرة والمبدعون وصناع الحياة.

وسلامٌ على الأمة المصرية