رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

مراجعات

عندما تبنَّت الأمم المتحدة «الأيام العالمية» كمناسبات «دولية» لتثقيف الشعوب حول القضايا المهمة، والاحتفال بالإنجازات البشرية وتعزيزها.. كان الهدف والغاية نشر الوعي، خصوصًا ما يتعلق بتعزيز القيم الإنسانية.

وفى ظل المتغيرات التى تعصف بالمجتمعات البشرية، وتراجع منظومة القيم فى العصرالحديث، كان الاحتفاء بيوم «التسامح»، فى السادس عشر من نوفمبر، لإرساء وتعزيز وترسيخ تلك الثقافة «الضائعة» فى متاهات العنصرية والتمييز والكراهية.

إذن، يظل «التسامح» سمة اﻷقوياء وأصحاب الخُلُق الرفيع والقلوب الكبيرة، لأنها قيمة نبيلة يتصف بها الكبار، شريطة أن تكون من مركز قوة لا ضعف، ليشعر «اﻵخر» بقيمة التنازل الذى يحصل عليه، من دون مَـنٍّ ولا أذى.

إن «التسامح» هو العفو عند المقدرة، والتجاوز عن أخطاء الآخرين والتماس الأعذار لهم، والنظر إلى إيجابياتهم، بدلًا من التركيز على عيوبهم وأخطائهم والتشهير بهم، لأن الحياة رحلة قصيرة، لا تحتمل الكراهية أو الحقد.

ولكى نعزز قيمة «التسامح» يجب ترسيخ مبدأ التعامل الإنسانى النبيل مع الجميع، سواء أكانوا من الخصوم والمناوئين، أو حتى المختلفين معنا عقائديًا وفكريًا وعرقيًا، وكذلك الذين أساءوا إلينا.. بالعفو والصفح عنهم.

ويبقى المتسامحون هم أسعد الناس، لأنهم حريصون على التحلِّى بتلك الفضيلة الراقية، وما يستتبعها من سماحة ورحمة ورأفة ورفق فى القول، ولينٍ فى الطبع والسلوك، ولذلك نحن أحوج ما نكون إلى تلك القيمة الأخلاقية والإنسانية.

ربما تتقارب القيم الإنسانية فى مضمونها مع فضيلة «التسامح»، الذى هو حق الآخر بالاختلاف والتعايش معه، من دون قطيعة أو جفاء أو صِدَام أو عداوة، وذلك بالطبع لا يعنى التنازل عن المعتقدات أو القناعات الفكرية أو المساومة حولها، وإنما يعنى التعامل بإنسانية وعدالة وإنصاف، بغضِّ النظر عن صحة الأفكار أو خطئها.

ولذلك نعتقد أن «التسامح» قد يكون أسلوب حياة، وحلًا عقلانيًا لإيجاد الصيغة المناسبة للتعايش بين الجميع، من خلال احترام بعضنا البعض، بعيدًا من روح التعصب والإقصاء والتشدد.

ولكى نعيش فى سلام داخلى يجب أن نُبرز ونُعلى من قيمة «التسامح الفكري»، الذى أصبح ضرورة حتمية  لكافة الشعوب والمجتمعات، فمن الطبيعى أن تتباين الآراء الفكرية وتتعدد النظريات الثقافية، وتختلف الاجتهادات، لكن المهم أن يكون الاختلاف بعيدًا عن لغة الإقصاء أو الإلغاء أو التهميش، وتأصيل ضمانة حرية الرأى والتعبير.

نعتقد أنه إذا غاب «التسامح الفكري» عن أى مجتمع، وسادت «أفكار الجاهلية الأولى» فى التعصب لرأى واحد، أو وجهة نظر واحدة، فذلك بالضرورة يؤدى إلى التعصب والتشدد والتطرف، وهو ما يستدعى فى نهاية الأمر إلى «العمى الفكري»، وصولًا إلى الإرهاب والتكفير والتخوين.

إذن، يظل «التسامح» هو الغاية النبيلة التى تجعلنا نعيش فى سلام داخلى مع ذواتنا، والمعنى الراقى للاختلاف والإرادة وحرية الاختيار، والقيمة الحقيقية للتوافق الاجتماعى والإنساني، ولذلك أثبت علماء النفس أن «التسامح» يزيل سرطان الكراهية من النفوس، ومَن اعتاد «التسامح» يكتسب مناعة ووقاية مع مرور الزمن.

أخيرًا.. نعتقد أن «التسامح» هو «تاج المكارم»، وفكرته تنبع فى الأساس من مفهوم الرجاء الإيماني، الذى يعتمد على قيم العفو والمقدرة والرحمة، أى نهج القوة المسئولة والرحيمة القادرة على إصابة العفو حيث القدرة على النَّيْل من الآخرين.

 

فصل الخطاب:

إذا ضاقَ صدرُ المرءِ لم يصْفُ عيْشُهُ... وما يستطيبُ العيشَ إلا المسامحُ

 

[email protected]