عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

الناصية

 

 

 

 

ذات صباح.. فاجأتنى الزميلة والكاتبة الصحفية فاطمة عياد برسالة غاضبة من شخص أحبه، ولى معه ذكريات لما كنت شابًا فى قلب الصعيد.. وقالت فاطمة بلهجة حاسمة من الضرورى أن تكلمه وتحاول أن تراضيه لأنه شخصية لا تستحق الهجوم والاتهامات التى نشرناها عنه فى صفحة الفن بالوفد، ولأنك المسئول ضرورى الاتصال به.. وهو ينتظر مكالمتك!

لا أنكر أننى ترددت كثيرًا، قبل الاتصال.. فهو من الشخصيات التى أحترمها أكثر مما أحبها، ولكن قلب الصحافة فى كثير من الأوقات يكون قاسيا وعقلها يكون باردًا خصوصا عندما تكون القصة الصحفية ساخنة، ومثيرة وبطلها شخصية معروفة ومشهورة وتستطيع أن تستحوذ على إعجاب واهتمام القراء.. فتكون الأولوية هى حق القارئ فى أن يعرف كل شيء، وذلك فى الوقت الذى كانت الصحافة فيه تعمل عند القارئ لا عند المسئول!

وبالفعل.. جمدت قلبى واتصلت به، واستعددت بكل اشكال الغضب من جانبه وكذلك بردود أفعالى الهادئة من جانبى حتى يمكن استيعابه.. ونحن الصحفيين محترفون فى كيفية التعامل مع المصادر الغاضبة، ولنا أساليبنا فى إنهاء مثل هذه المواقف وجعل المصدر الذى كان ثائرًا فى بداية المكالمة يتحول إلى شخص لطيف ويعتذر عن كل ما قاله أو تفوه به فى نهاية المكالمة.. لكن هذه المرة أنا الذى اعتذرت للفنان الكبير « محمود ياسين» بعد أن فاجأنى بحديثه العذب عن شخصى وعن صفحة الفن فى الوفد وعن الدور التاريخى لحزب الوفد، وأهمية الصحيفة ككل فى تنمية الوعى الوطني، وفى التنوير الثقافى والسياسي.. ثم عاتبنى برقة وعذوبة عما نشرناه حول مسلسل «رياح الشرق» وهو كان من تأليفه، وقلنا وقتها إنه مسروق ومؤلفه شخص آخر وأجرينا معه حوارًا.. والمسلسل كان من بطولته وعدد كبير من النجوم، وعُرض فى التليفزيون المصرى الذى كان يشاهده العالم العربى كله، فى شهر رمضان فى نهاية التسعينيات وأوائل الالفية الثانية، وتدور أحداثه حول سقوط بلاد الأندلس فى يد القوى الغربية بعد مكوثها تحت الحكم الإسلامى ثمانية قرون كاملة.. وأن محمود ياسين أراد أن يحذر من نفس المصير فى المستقبل من خلال ما حدث لنا فى الماضي!

ولم يطلب وقتها أكثر من حقه فى إبداء رأيه ووجهة نظرة فى المشكلة قبل النشر وذلك بالاتصال به أو حتى بعد النشر، ليس للدفاع عن نفسه ولكن لـ « قول الحقيقة للقارئ صاحب الحق الأصيل فى معرفة الحقيقة فى كل شيء».. وذلك كان كلامه بالنص وما زلت أتذكره لأنه كان صحيحًا ومحقًا فيه.. وللحقيقة دخلت قضية المسلسل أروقة المحاكم فترات طويلة بلغت خمس سنوات عندما ادعى أحد الأشخاص أنه صاحب العمل مما جعل الفنان محمود ياسين يقوم برفع دعوى عليه لتحكم المحكمة لصالح محمود ياسين فى الدرجة الأولى والاستئناف!

واعتذارًا عن ذلك نظمت له ندوة كبيرة فى الوفد كان هو فى مقدمة الحضور مع نجوم المسلسل وعدد كبير من جمهوره ومحبيه، ونشرناها على صفحة كاملة. ويومها، وبعد انتهاء الندوة، كان سعيدًا جدًا وجرت بيننا محادثة طويلة وحكى لى عن ذكرياته فى بورسعيد ومسيرته فى المسرح عشقه الأول والأخير.. وكان يحكى بصوته الرخيم وهو يلوح بيديه وكأنه على المسرح!

ورحل الفنان الكبير محمود ياسين.. بعد مشوار فنى حافل قدم خلاله ما يقرب من 260 عملًا فنيًا، تنوعت بين المسرح والسينما والإذاعة والتليفزيون.. ومع ذلك كان يبتسم كطفل عندما أبديت مدى إعجابى بأعماله منذ مقتبل العمر وكيف قلدناه أنا وأصدقائى فى قلب الصعيد فى ارتداء البنطلونات الشارلستون والشعر الطويل والقمصان المشجرة.. حتى أننا أحببنا بنات تشبه نجلاء فتحى وميرفت أمين.. وكان خجولا لما قلت له أنت تكاد تكون الممثل الوحيد الذى ظل فتى الشاشة الأول فى مصر والعالم العربى لأكثر من عشرين عاما.. فقال على استحياء « إننى لم أفعل شيئًا فى حياتى سوى التمثيل.. من الأستوديو للبيت ومن البيت للاستوديو.. ولا شىء آخر سوى الجلوس مع أسرتي، والقراءة فى مكتبى».. رحم الله الفنان المحترم محمود ياسين.

[email protected]