رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

الناصية

فى كثير من الأوقات يفقد الناس أهدافهم.. وكذلك الدول، ويغرقون فى المشاكل، بدلا من الاستغراق فى حلولها.. وكثير من الناس، وكذلك الدول، يجدون مئات الأعذار والحجج لعدم تحقيق هذه الأهداف.. وكلها تبريرات وهمية وكاذبة للتخلص من الشعور بالذنب المؤلم أو التأنيب الموجع كل صباح.. وللأسف لا يعلمون أنهم يخسرون أنفسهم يومًا بعد يوم.. مع خسارة كل هدف، ويضيع الوقت والسنون والعمر كله يهرب منهم دون أن يحققوا شيئا ذا معنى أو قيمة.. ويكتشفوا أثناء الانهيار الأخير أن السبب وراء هذا الفشل المتواصل أنهم لم يفعلوا شيئين من أبسط ما يمكن!

وقبل الاستعجال فى معرفة هذين الشيئين.. من المهم أن نعود 53 سنة إلى الوراء وتحديدا بعد هزيمة 1967.. فقد كان الشعب المصرى كله بلا استثناء فى قمة الانهيار.. وليس فى قمة الهزيمة فقط، حيث شهد أحلامه كلها تتكسر أمامه، وبلده ترجع مائة سنة إلى الوراء، وقائده الذى صوروه على أنه سيفعل كل شيء وأى شيء، ها هو يخرج عليه على شاشة التليفزيون مهزومًا منكسرًا وعلى وجهه وفى عينيه الشعور بالذنب والمذلة والمهانة.. هذه المعانى كانت أقسى على الشعب من الهزيمة نفسها.. ومن ناحية أخرى كانت الخسائر فادحة فى الأرواح والمعدات وفى الأرض التى خسروها واحتلها العدو بكل عجرفة وغطرسة فى مصر وسوريا والأردن وبالطبع فلسطين.. وكاد لم يتبقَ شيئًا، معنويًا أو ماديًا، لم يخسروه!

وبكل المقاييس والمقارنات بين مصر وإسرائيل وأمريكا التى وراءها، وكذلك الدول الأخرى، من حيث التسليح الحديث وتفوق الافراد.. كان من رابع المستحيلات هزيمة إسرائيل أو اجبارها على الشرب من نفس المرار الطافح، على رأى أمى الله يرحمها، وهو قول صعيدى صعب لما تكون الأحزان زائدة عن الحد وعن الاحتمال، والتى عاشها الشعب المصرى كله.. وما زاد الطين بلة موت الرئيس جمال عبدالناصر، الذى أجبره الشعب على عدم التراجع والتنحى ليعود إلى المعركة، وحتى عندما تولى الرئيس الجديد بعد رحيل الزعيم، ومع أنه لم يكن مقنعا لم يفقد الشعب الثقة فى تحقيق النصر على إسرائيل لأنه تحرك نحوه عبر هذين الشيئين!

تحديد الهدف، والعمل على تحقيق هذا الهدف.. هما الشيئان اللذان لم يفعل الشعب المصرى سواهما.. حدد هدفه أولًا، وهو النصر على العدو الإسرائيلي، وثانيًا العمل على تحقيق هذا الهدف خطوة خطوة، ومرحلة مرحلة، وبأى صورة وبأى شكل ومهما كان الثمن الذى سيدفعه غاليًا فلن يكون أغلى من تحقيق النصر واسترداد كرامته.. هذا ما فعله الشعب المصري، وهذا ما أجبر قياداته عليه لا أكثر ولا أقل، وهذا ما يجب أن يفعله كل فرد، وكذلك كل دولة!

وأعتقد أن أعظم الدروس المستفادة من حرب أكتوبر، هو المنهج العلمى الذى اتبعته القيادة العسكرية لتحقيق هذا النصر الفريد.. حيث كان إعادة بناء القوات المسلحة، والتدريب والتسليح، هو الطريق الوحيد للوصول إلى الانتصار.. فلم تكن هناك عشوائية فى العمل، ولا سياسات غير واقعية، ولا أعمال دعائية.. كان كل شيء يجرى بناء على خطة مدروسة، وتحديد دقيق للأولويات، وبعيدًا عن الأهواء والامزجة والأفكار الخاصة للقيادات السياسية.. كان الهدف واضح هو المعركة، وأن تكون فاصلة ونهائية، لتحقيق شيء واحد لا بديل عنه وهو النصر!

أما أعظم درس من حرب أكتوبر على الإطلاق.. أن الشعب هو الذى كان البطل والزعيم والقائد، فهو الذى أجبر القيادة على عدم التنحى والهروب من المعركة، وهو الذى طالب بالحرب وأصر عليها، وهو الذى تحمل كل الأعباء الاقتصادية وقدمها راضيًا للمجهود الحربي.. وهو الذى حارب وهو الذى انتصر.. وهذا يعلمنا أن أى نصر نريد أن نحققه، فى أى مجال، لن يكون سوى بالشعب!

[email protected]