رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

الناصية

 

 

 

يختلفون ويتفقون الناس على الملوك والرؤساء والزعماء.. ويبقى الشعب لا أحد يختلف عليه.. وتبقى رموز هذا الشعب فى الذاكرة والوجدان.. و«ماتيلدا عبدالمسيح».. ليست مجرد امرأة مصرية جدًا وفنانة متميزة.. ولكنها أول من قامت بتلحين السلام الوطنى المصرى، أو ما كان يسمى بنشيد ملك مصر!

ماتيلدا عبدالمسيح رائدة موسيقية، توفيت فى ثلاثينات من القرن الماضى، كانت عازفة بيانو بارعة، حيث اشتغلت بتعليم الموسيقى والعزف على البيانو لسيدات المجتمعات الراقية، وبنات الأعيان والعمد فى الأرياف لمدة ٢٥ عامًا فقد كانت تسافر كثيرًا فى الأرياف لهذه المهمة، وذلك كانت اشتراطات زواج الفتيات تشمل معرفتهن التطريز والطهى والعزف على آلة موسيقية.. و«ماتيلدا» تعتبر أول مصرية وشرقية نشرت تعليم البيانو على القواعد الشرقية، ولم تكتف بذلك، بل ربطت بالنوتة أشهر الأدوار الغنائية، فضلًا على القطع التى ابتكرتها.

وخلال فترة حكم الملك فؤاد الأول كانت «ماتيلدا عبدالمسيح» أول من وضعت لحن نشيد ملك مصر المعروف باسم مارش جلالة الملك فؤاد، ومن وكلمات النشيد:

ملك الملوك يدوم عـلاك... أمل الوجـــود هو رضاك

الله يـــــــزيدك فى بهاك...  للأمة فى كل الدهـــــــور

فى عز دايم وصفو تامم...  يحيى الملك ويدوم صفاه

ونشيد الملك فؤاد لم يكن الوحيد فى زمانه فقد سبقه أناشيد أيضًا للخديو إسماعيل والخديو عباس حلمى الثانى وغيرهم، وللأسف ضاع الكثير منها لعدم وجود أرشيف، ولا أعرف حقيقة هل يوجد بمعهد الموسيقى العربية أرشيف لتراثنا الموسيقى والغنائى، عبر القرن الماضى.. خاصة كانت هناك محاولة فى الستينيات، سجلها المؤرخ الموسيقى كمال النجمى فى كتابه المهم «تراث الغناء العربي». لتدوين تراثنا الغنائى خلال مائة عام، وقد عقدت لجنة لذلك واتخذت من معهد الموسيقى القديم فى شارع رمسيس مقرًا لها، وقررت اللجنة أن هذا التراث يحتاج نحو أربعين مجلدًا تحت عنوان «سلسلة تراثنا الموسيقى» ولكنها لم تصدر سوى أربعة مجلدات، ثم انحلت اللجنة عندما وضعت وزارة الثقافة وقتها معهد الموسيقى تحت إشرافها وحولته إلى متحف أكثر منه إلى معهد!

و«ماتيلدا» لحنت كذلك مارشال استقبال الزعيم سعد باشا زغلول بعد عودته من المنفى الذى تقول مقدمته: «يا طالع السعد افرحلى».. و«يا سعد شرفت الأوطان»، وقد تناولت الصحف مدى اعجاب الزعيم والوفد المصرى بالنشيد.. ولحنت أيضا «ماتيلدا» مارشال افتتاح البرلمان المصرى وأفراح القبة.. وربما الملحن والموزع المبدع هانى شنودة، هو الوحيد من الموسيقيين القلائل الذين يعرفون أن هناك ملحنة وعازفة بيانو بارعة اسمها «ماتيلدا» وذكرها كثيرًا على أنها من المصريات الموسيقيات الرائدات خصوصًا فى عزف وتعليم آلة البيانو للفتيات والسيدات فى المدن والقرى!

ومن المؤكد أن هناك الكثير من رواد الغناء والموسيقى فى مصر خلال العصور المختلفة ولم نسمع عنهم ولم نعرف عنهم شيئًا، ومن الضرورى أن تتولى الجهات المعنية والمختصة أرشفة هذا التاريخ.. ويكفينا أن أحداثًا ووقائع سياسية وتاريخية لم نتمكن من تسجيلها رغم مرور عشرات السنين، لأسباب خلافية.. ولا أعتقد أن هناك أسبابًا خلافية فى الموسيقى والغناء.. وإذا كانت «ماتيلدا عبدالمسيح» واحدة من أهم رائدات مصر فى الموسيقى، ولا نعرف عنها الكثير سوى شذرات من المعلومات المتناثرة، وذلك سبب الإهمال أو عدم الاهتمام بتأسيس الذاكرة الثقافية المصرية.. فمن الممكن أن يأتى يومًا لا نعرف شيئًا عن أم كلثوم!

[email protected]