رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

مراجعات

المشهد اللبنانى أصبح عصياً على الفهم والإدراك، حيث يعيش اللبنانيون على صفيح ساخن، منذ اشتعال الحرب الأهلية قبل عقود، مروراً بأحداث كبرى، امتدت آثارها حتى اليوم.

ربما لم ينتبه زعماء لبنان لما حدث فى أكتوبر الماضى، على خلفية الضريبة التى «اخترعتها» السلطات، لمستخدمى «واتساب»، حتى وصلنا إلى الانفجار الدامى فى مرفأ بيروت قبل أيام، مخلفاً 163 قتيلاً و6 آلاف مصاب، وعشرات المفقودين بحسب أرقام رسمية غير نهائية.

هذا الحادث المأساوى عجل بتسريح الحكومة، بعد أشهر من الانهيار الاقتصادى، لكن اللافت هو تصريحات رئيسها المستقيل حسان دياب بأن «منظومة الفساد أكبر من الدولة، ونحن لا نستطيع التخلص منها، كما أن انفجار بيروت هو أحد نماذج الفساد»!

لعل الأحداث الساخنة المتلاحقة وما صاحبها من تظاهرات، يؤكد بوضوح الغياب العربى الرسمى، والحضور القوى لفرنسا، حين ذهب رئيسها إيمانويل ماكرون إلى بيروت بعد ساعات من الانفجار الكبير، ووعوده للبنانيين بالمن والسلوى!

المؤسف هو المطالب الغريبة لبعض اللبنانيين، لعل أكثرها إثارة هو توقيع عشرات الآلاف على عريضة تطالب بعودة «الانتداب» الفرنسى، فيما غرد آخرون مطالبين «ماكرون» بأن يحررهم من «حزب الله»، على غرار ما فعله الجنرال هنرى غورو حين طرد العثمانيين من لبنان!

نتفهم أن يغضب اللبنانيون من فجيعة الانفجار وما خلفه من خسائر كارثية، ومطالبهم المحقة بمحاسبة الفاسدين فى السلطة، أما أن يلجأ بعضهم إلى الكيد السياسى فى محاولة يائسة لإعادة الزمن إلى الوراء واستدعاء «الاستعمار» الفرنسى، فذلك أمر مؤسف للغاية!

الأحداث اللبنانية المروعة جعلتنا نشهد سخطاً كبيراً على جميع الزعماء اللبنانيين، بلا استثناء، فيما يشبه الإجماع الشعبى المطالب بإسقاط النظام «الطائفى»، بكل رموزه، وطبقته السياسية.

سنوات من الغياب الواضح للدولة فى ظل فساد ممنهج، ومحسوبية ورشوة ونهب للمال العام فى جميع الوزارات والمؤسسات، حتى أن تقديرات البنك الدولى «تقرير 2017» يشير إلى أن الأموال المنهوبة من الخزينة طائلة جداً، وتقدر بـ851 مليار دولار!!

نتصور أن حجم الأموال التى «نهبها» القادة والزعماء والسياسيون على مدى عقود، كان يمكنها أن تحول لبنان إلى دولة قوية، مالياً واقتصادياً، لكن مع الأسف، أصبح ضمن البلدان الأكثر مديونية فى العالم.

نعتقد أن الحل الأمثل لأوجاع لبنان ومعاناته اقتصادياً وسياسياً يبدأ من مراجعة شاملة لاتفاق الطائف، الذى مر عليه أكثر من ثلاثة عقود، ولم يعد صالحاً لمعالجة الأزمات المتجذرة.. صحيح أنه أوقف حرباً أهلية طاحنة، لكنه فى الحقيقة كرس حكماً طائفياً مستمراً حتى اليوم، من خلال المحاصصة بين أمراء الحرب!

ربما كان العام 2005 هو الوقت الأنسب لعقد اجتماعى جديد، بعد اغتيال رئيس الوزراء رفيق الحريرى.. ذلك الحادث الشنيع الذى أكد عدم التئام جراح الحرب، وأن «التوافق» لا يزال هشاً!

لبنان أصبح فى أمس الحاجة إلى مؤتمر تأسيسى لكتابة دستور جديد، يعيد النظر فى النظام القائم على أساس «المثالثة» فى الحكم، لأن اتفاق الطائف ليس سوى هدنة طويلة الأمد لحرب أهلية جديدة محتملة.

أخيراً.. لم يعد بالإمكان استمرار نظام سياسى يغذى الأحزاب والجماعات على أسس طائفية ومصلحية، عمادها الولاء لزعيم تيار أو قائد حزب، ولذلك نعتقد أنه لا جدوى من بقاء اتفاق الطائف، الذى انتهت مدة صلاحيته، بتغير الزمان والظروف السياسية والإقليمية.

[email protected]