رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

الناصية

 

 

 فى جميع الأزمات.. يحاول البعض استغلال النقص الشديد فى احتياجات الناس من بعض السلع، بزيادة أسعارها لتحقيق أكبر قدر من المكاسب والأرباح فى أسرع وقت ممكن.. وهو أمر عادى يحدث، غالباً، من البائعين والتجار.. ولكن غير العادى أن يتساوى فى ذلك بائع الفجل مع بائع الخدمة الصحية!

 صحيح أن كل من يقدم خدمة من حقه الحصول على مقابل.. وهذا ليس خلافنا، ولكن خلافنا أن ثمن هذه الخدمة يكون مرتفعاً جداً ومبالغاً فيه، فى ظل إقبال الناس عليها، وزيادة احتياجاتهم لها.. وربما يكون هناك مبرر اقتصادى للتجار بتطبيق قانون العرض والطلب، وربما تكون لديهم أسبابهم السوقية.. ولكن فى كل الحالات المشترى لسلعة مثل السكر والزيت واللحمة متاح أمامه الاختيار ما بين القبول بها بسعرها المرتفع ورفضها، فهو لن يموت إن لم يحصل عليها.. ولكن ليس هناك مبرر إنسانى لتطبيق نفس القانون فى المجال الصحى.. لأن تطبيقه يعنى الموت لغير القادرين.. حيث لا اختيار أمام المريض سوى أن يبيع كل ما يملك لإنقاذ روحه، أو يضحى بروحه لإنقاذ ممتلكاته.. إن وجدت أصلاً!

ولا أطلب كذلك من مقدمى الخدمة الصحية الخاصة تقديمها مجاناً.. ولكن ألا يتم استغلال الأزمة بالمبالغة فى الأسعار، فهناك فروق تعليمية وثقافية وكذلك أخلاقية بينهم وبين أى بائع آخر.. ولذلك كان يجب ألا يستغل أصحاب المستشفيات الخاصة مرضى كورونا، وحاجتهم الضرورية للعلاج برفع أسعار الخدمات الطبية بشكل مبالغ فيه مثلهم مثل باعة الليمون أو الطماطم الذين يرفعون الأسعار عند نقص المحصول.. وفى كل الحالات يحدث ذلك وسط غياب كامل للأخلاق والضمير.. وأيضاً لأجهزة الدولة الرقابية!

ولا شك فى أن للجهات الصحية الرسمية، التى تمثلها وزارة الصحة، دوراً فى ذلك.. حيث كان يجب أن تتحاور مع أصحاب المستشفيات الذين لديهم رغبة حقيقية فى مساعدة المرضى، وكذلك الدولة فى تقديم خدمة علاجية بأسعار مقبولة ومعقولة قبل أن تفرض عليهم قائمة بأسعار الخدمات الصحية لمرضى كورونا.. وتكون النتيجة أنهم لا يطبقونها بل يهددون بالامتناع عن تقديم الخدمة.. ولهذا كان يجب أن تعرف مشاكلهم الحقيقية التى تجبرهم على زيادة الأسعار.. بأن تعمل مثلاً على توفير المستلزمات الطبية لهم بأسعار أقل، لأن الكثير من هذه المستشفيات تعانى نقص هذه المستلزمات، وتضطر إلى شرائها بأعلى من سعرها من السوق السوداء، وكان يجب كذلك على الوزارة التدخل فى تأجيل الضرائب أو رسوم الخدمات الحكومية من كهرباء ومياه وغاز.. وغير ذلك، قبل أن تفرض أسعاراً إجبارية على الأطباء من أصحاب المستشفيات الخاصة والمراكز العلاجية، وأنت لا تستطيع تطبيق أسعار إجبارية على بائعة البقدونس!

على الحكومة أن تتعلم ضرورة الحوار المجتمعى، والنقاش بين أطراف أى أزمة، قبل أن تصدر قرارات من طرف واحد.. متصورة أنها ستحل المشكلة، ثم لا يعترف الطرف الآخر بالقرارات ولا يطبقها وتضيع هيبة الدولة قبل هيبة الحكومة!

[email protected]