رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

مراجعات


شهدت الفترة الماضية، انتشارًا غير مسبوق للعبة بابجي «Pubg» أو ما تسمى بـ«ساحات معارك اللاعبين المجهولين»، عبر الإنترنت، لتُحدث لغطًا كبيرًا وسجالًا امتدت آثاره على ملايين الشباب والأطفال حول العالم.

ورغم صدور فتاوى متعددة من جهات دينية رسمية وشخصيات اعتبارية، بتحريم اللعبة منذ ظهورها في مارس 2017، إلا أن انتشارها الواسع أحدث حالة متجددة من الجدل، بسبب تحديث جديد تضمن ما اعتُبر سجودًا وركوعًا من اللاعبين تجاه تماثيل داخل اللعبة، التي تعد حاليًا الأكثر تداولا في مصر والوطن العربي.

التحديث الجديد عجَّل بإصدار فتاوى تؤكد تحريم اللعبة، نظرًا لتأثيرها المباشر على عقيدة الأطفال والشباب، لكن المفاجأة كانت تلك الاستجابة السريعة لفريق بابجي الذي قام على الفور بحذف «الخاصية المزعجة» وإزالة المحتوى البصري الخاص بها.

المؤكد أن لعبة بابجي استحوذت على طاقات وعقول غالبية الشباب والأطفال، بشكل لم يسبق له مثيل، لتشكل كابوسًا مرعبًا للآباء والأمهات، بسبب اهتمام الأبناء الزائد، وانصرافهم عن ممارسة حياتهم بشكل طبيعي، ولذلك لا يمكن تجاهل هذا «الوباء الإلكتروني» وأضرار تلك اللعبة وسلبياتها.

الأرقام «المخيفة والمرعبة» على حجم الإنفاق والممارسة والاهتمام، تدل بشكل قاطع على «هوس» كثير من الشباب والأطفال بالألعاب الإلكترونية، وبالتالي يجب دق ناقوس الخطر من هذا الوباء القادم، من خلال قواعد ضابطة ورقابة صارمة لحماية الأجيال الناشئة من مخاطرها وسلبياتها.

إن طبيعة الجيل الحالي الذي يرتبط بالألعاب الإلكترونية، جعلته يفضل العيش في عالم الألعاب الافتراضي، بدلًا من إقامة علاقات اجتماعية طبيعية مع الأصدقاء أو ممارسة الألعاب التقليدية مع أقرانهم، رغم وجود تحذيرات متكررة بخطورة تلك الألعاب، إضافة إلى أن الأجهزة الإلكترونية والألعاب المتصلة بالإنترنت يمكن أن تشكل خطرًا كبيرًا على البيانات الخاصة، باعتبارها جاسوسًا في المنزل.

لعل أكثر ما يلفت الانتباه أن بعض الدراسات المتخصصة توصلت إلى أن ممارسة الأطفال لألعاب الفيديو لأكثر من 9 ساعات أسبوعيًا تشكل خطراً عليهم، نظرًا لوجود علاقة بين المدة التي يقضيها الطفل في ممارسة الألعاب والمشكلات السلوكية لديه، وكذلك صراعه العنيف مع نظرائه وتقليل مهاراته الاجتماعية.

إذن، لسنا في وضع يسمح بالحكم على ممارسة ألعاب الفيديو، فالعبرة والنتيجة بمدى اهتمام الوالدَين ومراقبتهما للأبناء، وكذلك على الفترة التي يقضيها الأطفال في ممارسة تلك الألعاب، حتى لا تصبح إدمانًا، كما هو حاصل الآن.

لقد أصبحنا نعيش في عصر «الوحوش الإلكترونية» التي تفترس عقول وأرواح الصغار، وبات الوضع خطيرًا بشكل لا يمكن السيطرة عليه، خصوصًا أن لعبة «بابجي» ليست سوى واحدة من سيل لا ينتهي من ألعاب الفيديو التي تدفع لاعبيها إلى ممارسات سلوكية خاطئة وعنيفة.

ربما لم تبرح ذاكرتنا لعبة «الحوت الأزرق» وغيرها من الألعاب الإلكترونية «الخبيثة» التي دفعت مراهقين إلى الانتحار، ولذلك فإنه في ظل العالم الافتراضي الذي نعيشه بشكل كامل، خصوصًا مع انتشار وتفشي وباء كورونا، فإن «الأسوأ قادم» على الأجيال الجديدة.

أخيرًا.. بعد إصابة كثير من شبابنا وأطفالنا بمرض «اضطراب الألعاب» أو «التوحد الإلكتروني» الناتج عن الإفراط في ممارسة ألعاب الفيديو، حيث ساعات اللعب الطويلة التي جعلت من أبنائنا شخصيات انطوائية، تميل إلى الاكتئاب والعزلة وتعاني من الأرق، فإن المسؤولية مشتركة واللوم يقع على الجميع، بدءًا من الأسرة وليس انتهاءً بالمجتمع.

[email protected]