رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

مراجعات

 

وصفها الأكاديمى الأمريكى البارز «جوزيف صموئيل ناى» بالقدرة على تحقيق الأهداف عن طريق الجاذبية بدلاً من الإرغام بالسلاح أو دفع الأموال.. إنها «القوة الناعمة» المصطلح الأكثر شيوعاً وانتشاراً حول العالم خلال العقود الثلاثة الأخيرة.

وبما أن القضية الوطنية- كانت ولا تزال- المحرك الأساسى طوال التاريخ المعاصر، لنمو أو تراجع دور القوة الناعمة فى مصر، إذن فأى مشروع وطنى يعد معياراً وقاطرة لكل جهد ونتاج حقيقى لها.

كما يمكننا ملاحظة توسع دور وتأثير مكونات القوة الناعمة تزامناً مع تصاعد المشروع الوطنى، والعكس صحيح، حيث كان دورها يتراجع، وأحياناً يتلاشى فى فترات غياب المشروع أو الإرادة السياسية.

وفى العقدين الأخيرين من القرن العشرين، تحديداً، حاولت مصر دون جدوى، استعادة نفوذها التاريخى وتأثيرها خارج الحدود، باستخدام قوتها الناعمة، التى تراجعت بشكل ملحوظ لأسباب عدة، داخلياً وخارجياً.

ولذلك يمكن بسهولة رصد أهم عوامل التراجع بتخلى الدولة عن دورها فى دعم الثقافة والفنون، وسيطرة ثقافة الانفتاح الاقتصادى، بما حملته من هيمنة النماذج السطحية والاستهلاكية فى مختلف نواحى الحياة، خصوصاً الفنية والثقافية.

ولعل العامل الثانى الأكثر تأثيراً هو ما قد يسمى بـ«سلفنة» المجتمع، نتيجة عمليات الهجرة المنتظمة إلى دول الخليج، بحثاً عن حياة أرحب اقتصادياً، وبالتالى عودة الملايين يحملون الأموال مصحوبة بثقافة تلك المجتمعات، بما لها وما عليها!

فى تلك الحقبة كانت القوة الناعمة تسعى لتحريك «السياسة» وتوجيهها نحو القضية الوطنية، التى كانت تستجيب لها أحياناً، وكثيراً ما كانت تصل إلى حد الصدام، إلا أن المحصلة هى خلق قوة ناعمة إيماناً بدورها وأهمية وجودها.

إذن، نستطيع القول إن القوة الناعمة هى السهل الممتنع فى العلاقات الدولية وسياسات الأمن القومى، لأن إدراك القوة المعنوية قد يحتاج لأجيال، بينما القوة المادية تحتاج لسنوات معدودات أو أقل من ذلك.

وبما أن مصر تمتلك تاريخاً ممتداً لآلاف السنين، وجغرافيا شكلت تلك الحضارة، نتصور أنها- ما زالت وستظل- تتمتع بالكثير من مقومات القوة الناعمة، خصوصاً الثقافية والفنية، لكنها تحتاج فقط إلى مهارة شديدة فى استخدامها.

لكن، لأسباب كثيرة، لا تزال مصر عاجزة عن توظيف هذه المصادر، ولذلك فإنها تحتاج إلى إعادة ترتيب أولوياتها، فيما يتعلق بتنمية وكيفية استخدام مصادر القوة الناعمة على الوجه الأكمل.

وما بين الحسابات السياسية، و«ضمائر» و«مثالية» المبدعين والمفكرين، نجدهما قد حققا الإنجاز الكبير والوحيد فى السنوات الماضية، من خلال التقائهما مؤخراً فى عمل فنى، سيظل حديثاً ممتداً لفترة طويلة، وهو «الاختيار».

هذا المسلسل يعد دراما توثيقية، لقصة الشهيد العقيد أحمد منسى، الذى نال الشهادة فى هجوم إرهابى فى منطقة البرث بسيناء عام 2017، كما يحكى قصة بطولية حقيقة وملحمة فنية استأثرت بقلوب المشاهدين المصريين والعرب على حد سواء.

نعتقد أنه منذ فترة طويلة لم يحقق أى عمل تليفزيونى درامى ما أحدثه مسلسل «الاختيار» الذى نعتبره عملاً فنياً عظيماً، يؤجج المشاعر الوطنية، ويوقد روح الانتماء والبطولة فى نفوس الشباب.

أخيراً.. لعلها المرة الأولى منذ سنوات طويلة تحقق دراما تليفزيونية هذا الكم الهائل من النجاح، بعد أن وحدت المشاعر تجاه رفض الإرهاب، فهل يكون «الاختيار» بداية لعودة جديدة للقوة الناعمة المصرية؟

[email protected]