رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

لا توجد دولة طاردة للأطباء مثل مصر.. دولة تفقد فى غفلة واحدة من أكبر ثرواتها القومية وتنزف باستمرار أنبه عقولها! فهل يُصَدَّق أن ٥٠٪ من الأطباء هجروا مصر فى السنوات الخمس الأخيرة! فمن بين ٢٢٠ ألف طبيب مسجل فى مصر لم يبق الآن منهم سوى ١٠٣ آلاف طبيب فقط، أى طبيب لكل ألف مواطن وهو أقل من ثلث المعدل العالمى، ما يشكل خطورة كبيرة على نظامنا الصحي! وكأننا نكافئ الدول العربية والأوروبية بهم بعد هذا الاستثمار الضخم من الوقت والمال الذى بذلناه لتأهيلهم.

فالأطباء على أرض مصر كانوا ومازالوا يحاربون حربًا خأسرة على مدار العقود الثلاثة الأخيرة. فرواتبهم متدنية فى مستشفيات الصحة ومناخ عملهم متردٍّ فى المستشفيات ضعيفة الإمكانيات خاصة فى المدن الصغيرة ومرتبات أساتذتهم فى الجامعات مضحكة ومعاشاتهم هزيلة. ويعانى معظم الأطباء من ضغوط نفسية كبيرة. فدمهم وشرفهم مباح داخل المستشفيات من بعض المرضى وذويهم الموتورين، وكرامتهم مستباحة على صفحات الجرائد ومواقع التواصل الاجتماعى فخطأ واحد منهم يصبح ظاهرة، وفساد واحد منهم يصمهم جميعًا بالفساد فنتحدث عنهم دائمًا بصيغة الجماعة فى الهجاء وليس بصيغة المفرد المُخطئ.

 وأخيرا نرى مثالًا سيئًا لمحافظ متهور يعزل مدير مستشفى لاحتفاله مع مرضاه بعد شفائهم. ونرى برلمانيًا يجتاح مستشفى عامًا ليتعارك مع أطبائه ويحاول عمدًا إثبات إهمالهم والتشهير بهم والتعدى على حرمة مرضاهم. وبدلًا من أن ندرس كل هذه المشكلات المتفاقمة والتى تضغط على الجراح اخترنا أن ندفن رأسنا فى الرمال ونطالب بحلول غريبة كتخريج دفعات استثنائية من كليات الطب وهو شىء لا أفهمه ولا أكاد أستوعبه! أو نطالب بتحويل الصيادلة إلى أطباء بعد إعطائهم بعض الكورسات الإضافية ربما دون الدراسة الكاملة للطب!

حلول تعنى أننا أصبحنا لا نستوعب تمامًا معنى مهنة الطب وأهمية الطبيب فى مجتمعنا فى حين ينظر الغرب لمهنته بقدسية كبيرة ويتمتع لديهم الطبيب باحترام وإجلال. وبعد جائحة فيروس كورونا رأينا الأطباء يتساقطون مرضى فى جبهتهم الأمامية بل ويستشهد بعضهم. لم يتقهقروا للخلف ولم يتقاعسوا عن أداء الواجب الذى أقسموا عليه رغم الإمكانات المحدودة. لقد حان الوقت لأن ننظر معًا لجذور مشكلة الطب والأطباء فى مصر ولعل المجلس الأعلى للصحة الذى أعلن عنه مؤخرًا والذى طالبت وطالب غيرى به مرارًا ينظر بعمق لهذه المشكلات المتراكمة ويضع لها الحلول المنطقية حتى يبقى لنا فى مصر بعض الأطباء لعلاجنا إن مرضنا. فأنا أعتبر كل طبيب بقى للعمل فى مصر بطلًا! فلقد أصبحنا فى سباق حار بين هجرتهم المتوالية وبين حل مشكلاتهم التى أهملناها سنين... ودول العالم تتفاخر بمنظوماتها الصحية فكيف لنا نحن أن نفخر بها بلا أطباء.. بل ومتى نفيق؟

وكما  يشير الدكتور اسامة حمدي في التعامل مع هذه القضية فإنه يمكن الاستعانة بأطباء المعاش والأساتذة المتفرغين حتى 75 سنة وأكثر باختيار من يرغب منهم، كما أن معاملة الاطباء معاملة وكلاء النيابة والقضاة من المهد إلى اللحد يصبح عدلا ويصبح تقديرا حقيقيا لمهنة الطب والتمريض والصيدلة وطب الاسنان والعلاج الطبيعى، كما يجب إصدار تشريع يجرم التطاول على أى مستشفى ومحاولة ممارسة أعمال ضده أيا كان شكلها، أما إذا ما كان هناك تقصير فإن علاجه يكون من خلال لجنة تحقيق فنية بدلا من الفوضى التى نراها أمامنا.

لقد جاء الوقت الذى يجب أن يرد فيه المجتمع كرامة المهن الطبية احتراما لكل هؤلاء الشهداء من الجيش الابيض الذين سقطوا فى معركة الكورونا هذه الأيام وان تعتبر إصاباتهم إصابة عمل.

---

أستاذ جراحة القلب - معهد القلب القومى

رئيس لجنة الصحة بحزب الوفد