رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

الناصية

 

 

 

فى مسرحية «القضية» للمفكر لطفى الخولى، الذى كتبها عام (1961).. وتحولت فيما بعد إلى فيلم سينمائى باسم القضية 68. كان من أجمل مشاهدها محاكمة مواطن بسيط «عربجى» قام بأدائه الممثل الرائع الفنان أحمد الجزيرى، لأنه فتح شباكاً فى حائط منزله الخاص فعاقبه القانون، ولما قام بغلقه فوراً امتثالاً للقانون.. عاقبة القانون أيضا، فتركة مُغْلَقٌ فعاقبة القانون مرة ثالثة.. وخرج من المحكمة وهو يصرخ يا عالم افتح الشباك ولا اقفله؟!

والمسرحية لا تعبر فقط عن جهل المواطنين بالقانون، ولا بخطورة التلاعب بالقوانين وسقوط البسطاء والمغفلين ضحية لهذا التلاعب.. ولكن بالحيرة التى تواجه الناس فى أوقات التحولات الكبيرة للدول، وكذلك فى الأزمات والضغوط العصيبة.. حيث تختلط الأشياء مع بعضها، ويضيعون فى دوامات لا أول لها ولا أخر.. ولا يعرفون التفريق الصح من الخطأ، والحلال من الحرام.. والحقيقى من المزيف.. ويصبح كل شىء يمكن أن يكون بوجهين.. ومع إن قليلاً من التفكير يمكن أن يتبين لهم الخيط الأبيض من الخيط الأسود!

وقد وصلتنى رسالة عن مشكلة، احترت فى تقييم مدى أهميتها، وهل هى مجرد حكاية تافهة، وصاحبها فاضى ويشغل أوقات فراغه ويريد أن يشغلنا معه بموضوع لا يساوى شيئاً أمام مشاكلنا العظيمة.. أم إنه لديه حق فعلاً، وأن المشكلة كبيرة وتستحق أن نجد له حلاً.. ؟.. اعرفوا الحكاية واحكموا بأنفسكم!

الرسالة من شخص، ويبدو أنه كبير السن، فهو كما قال على المعاش منذ أكثر من عشرة سنوات، ويعانى من الأمراض ويعانى كذلك أشد المعاناة فى العمارة التى يسكنها، ويبدو كذلك إنه يشعر بالحسرة لأنه عاش فى زمن غير زمانه، الذى كان فيه الناس يفكرون ويتصرفون بطرق إنسانية سليمة.. وكل مشكلته فى العمارة التى يسكن فيها هى القطط.. نعم القطط التى حولت سلالم العمارة إلى مرتع لها.. وبقايا طعامها ومخلفاتها فى كل مكان.. وشعر كل السكان وليس هو فقط، إنهم يعيشون فى خرابة لا فى عمارة.. وشعروا بأنهم يعيشون فى حفرة موبوءة بالأمراض، وخصوصاً مع انتشار فيروس كورونا.. وحاولوا إيجاد حلول لاستبعاد القطط دون قتلها.. فقاموا بعملية نظافة واسعة واشتروا صناديق قمامة جديدة بأغطية فى كل دور واشترطوا على بواب العمارة بإخراج القمامة يوميا ونظافة السلالم يوميا.. كل لذلك لإجبار القطط على الخروج بدون أذيتها إلى الشارع بحثاً عن طعامها بعيداً عنهم.. إلا إنها لم تخرج من العمارة..!

ولم يحتار السكان طويلاً لمعرفة أسباب وجودها رغم مرور أكثر من شهر على حملة النظافة التى قاموا بها، وأنفقوا فيها الكثير من الجهد والمال لإجبارها على الهروب طواعية إلى الشارع.. وقال لهم البواب عن السر الخطير والحقيقة التى اكتشفها بعد مراقبة بالنهار والليل.. وهى أنه ضبط أحد السكان يخرج خلسة كل ليلة ويضع لهم بقايا الأكل.. وعندما واجه السكان هذا الشخص لم ينكر وقال لهم «حرام» هذه أرواح وأكباد حارة فمن أين تأكل إن لم اطعمها كل يوم.. ولأنهم فشلوا فى إفهامه أن ما يفعله ليس هو « الحلال» بل « الحرام» بعينه لأن مخلفاتها أصبحت خطراً على السكان وخصوصاً الأطفال.. فاقترحوا عليه أن يجمع كل القطط داخل شقته طالما يخاف عليها ولكنه رفض الفكرة واستنكرها واغلق على نفسه بابه.. واستمر فى وضع الأكل لها كل ليلة بشكل علني!

والرجل يسألنى ماذا نفعل مع جارهم هذا.. هل من الصح أن نبلغ الشرطة عنه؟.. وهل هناك جهات أخرى مثل الصحة أو البيئة لتقديم شكوى ضد القطط وليس فقط جارهم؟ ..وهل حرام أن نقتل القطط؟.. أم حلال ما يفعله ونحن على خطأ؟.. وحقيقة لم أعرف بماذا اجيبه.. ولم أعرف حتى إن كانت المشكلة خطيرة أم لا.. واحترت مثلهم أفتح الشباك ولا أغلقه.. ربما أنتم تعرفون؟!

[email protected]