رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

الناصية

 

من المواقع التى أحرص على مشاهدتها يومياً.. موقع اليوتيوب، الذى اعتبره ذاكرة الناس والأرشيف الشعبى، والخزانة المرئية للإنسان فى كل مكان.. فكل شىء موجود على اليوتيوب.. علم، نكت، معرفة، تفاهة، سياسة، رقص، اقتصاد، طبيخ، أدوية.. ناس تتكلم كلاماً عميقاً، وناس تتكلم كلاماً تافهاً.. وثقافات من كل الشعوب، وفنون من كل البلدان، وحكايات عن كل البشر والحيوانات والنباتات.. وحتى الأديان، حيث الكل على اليوتيوب من حقه أن يقول أى شىء، والكل من حقه أن يرى كل شىء!

ومؤخراً شاهدت جزءاً من مباراة كرة قدم بين الأهلى والزمالك فى أوائل الثمانينات، كنوع من الحنين إلى الماضى.. ولكن الفضول شدنى إلى شىء آخر بعيداً عن المباراة وهو قراءة لوحات الإعلانات التى تحيط بالملعب.. ورجعت إلى بداية ظهورها فى الملاعب، وأنواع السلع التى كان يعلن عنها منذ الستينات والسبعينات والثمانينات والتسعينات وحتى الآن.. وانفتح اليوتيوب وكأنه مغارة على بابا المليئة بالذهب والياقوت والمرجان من غير ما أقول له «افتح يا سمسم»!

وكان قد سبق كل ذلك سؤال شغل تفكيرى بعد تفاقم أزمة كورونا فى كل العالم وهو.. ماذا لو توقفت الدول التى نستورد منها السلع الأساسية مثل القمح والزيت والسكر.. وغيرها، عن توريدها لاحتياجها لشعوبها نظراً لنقص الإنتاج وانخفاض قوة العمل لديها بسبب كورونا؟.. وبالطبع كان توجيه الرئيس السيسى مؤخراً، بالتوسع فى رقعة استصلاح الأراضى على مستوى الجمهورية لزراعة المحاصيل الاستراتيجية، مطمئناً إلى حد كبير فى إعادة النظر للكثير من أولوياتنا الاقتصادية فى المرحلة المقبلة.. ولكن ما علاقة ذلك بإعلانات الملاعب؟

لاحظت.. أن الإعلانات لم تظهر فى الملاعب المصرية خلال الخمسينات والستينات.. ولكن تم توظيف الملاعب وكرة القدم عموماً لصالح نظام حكم الرئيس عبدالناصر، ولأن المشير عبدالحكيم عامر كان من المهتمين بالكرة والمسيطرين على الأندية.. فكان هو ممثل النظام واللاعب الوحيد الذى كان له حق اللعب فى الملاعب بدون كورة.. وعندما حدثت نكسة 67 توقف دورى الكرة وكل النشاط الرياضى، ووجهت اتهامات من نوعية استخدام الكرة لإلهاء الجماهير بعيداً عن السياسة وإنها من أسباب النكسة.. وبعد أكثر من 4 سنوات عاد النشاط الرياضى فى موسم 1971 - 1972!.

وواضح أن قرار عودة دورى كرة القدم كان تم بعد وفاة الرئيس عبدالناصر ومع تولى الرئيس السادات، ويبدو أنه كان قراراً سياسياً وليس رياضياً أيضاً وذلك لإحراز هدف فى الجماهير بانشغالهم فى أشياء أخرى بعيداً عن المشاركة فى المظاهرات التى كانت تطالب السادات بالحرب.. المهم عادت الكرة إلى الملاعب وعاد اللاعبون الذين كانوا سافروا للعب فى الدول العربية بسبب توقف الدورى، وظهرت الإعلانات فى الملاعب لأول مرة فى موسم الدورى 71/72 وكانت كلها لشركات القطاع العام وعن السلع التى تنتجها، ومنها: ادفينا، قها، شركة بيع المصنوعات، سيجال، مصر للتأمين سافو وإعلانات السجائر المصرية بوستن، فلوريدا.. ولم تكن هناك أية إعلانات للقطاع الخاص سوى إعلان عن مسرحية ثلاثى أضواء المسرح «فندق الأشغال الشاقة» بطولة سمير غانم وجورج سيدهم.. وألغى هذا الموسم من الدورى بسبب الشغب عقب ضربة الجزاء الشهيرة فى مباراة الأهلى والزمالك، التى احتسبها الحكم «الديبة».. ثم رجع الدورى لموسم واحد هو 72/ 73 وفاز فيه فريق المحلة بالدورى، وكانت معظم الإعلانات ما زالت لشركات القطاع العام مثل شركة الأزياء الحديثة، وقها وإدفينا وحلويات كورونا والتأمين والألبان والسجائر.. وفى الموسم التالى ألغى الدورى لقيام حرب أكتوبر، وتم استئنافه عام 75 وكانت الإعلانات فى الملاعب مازالت لشركات عامة وخصوصاً مصر للطيران وعمر أفندى ورابسو وريفو.. وكان هناك إعلان واحد عن شركة صوت الحب للكاسيت.. ومع بداية الانفتاح الاقتصادى بدأت تظهر على استحياء إعلانات شركات صغيرة للقطاع الخاص وتحديداً عام 78 وخصوصاً كوكاكولا وبيبسى بدلاً من سيكو وسباتس ومع بداية الثمانينات بدأت إعلانات القطاع الخاص تتصدر بلا خجل مثل معاجين الحلاقة واللبان والساعات والبسكويت والسيراميك والموكيت.. وكانت الإعلانات بمثابة إعلان لانتهاء مرحلة سياسية واقتصادية وبداية أخرى جديدة تم فيها تسليع كل شىء.. وعن ذلك كلام آخر!