رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

 

لم يأت فيروس كورونا المستجد كوفيد 19 ليهاجم الأجساد فحسب، وإنما جاء ليكشف لنا حقيقة الواقع المرير الذي نحياه، جاء ليعرّينا أمام أنفسنا، وينزع عنا الأقنعة الزائفة التي كنا نحتمي بها.

الطلاب وأولياء الأمور يتسارعون على الغش في الامتحانات والأبحاث التي أقرتها وزارة التعليم من المنزل، وضعاف النفوس من المعلمين يتسابقون لاستغلال الموقف في جمع الأموال، والتجار يتبارون في رفع الأسعار، والأهل يتبرأون من ابنهم المصاب، وأصحاب العمل يقهرون العاملين معهم ويعرضونهم للخطر لمصالحهم الخاصة، وكأن كل فرد يتخذ من الأنانية حصنًا منيعًا يحتمي به -إلا من رحم ربي-

هاهو الفيروس أتى ليجد الأبناء يتخلون عن أمهم، والإخوة يتبرأون من أخيهم، والجيران يقذفون جارهم بالحجارة، وذوي الأعمال يضحون برجالهم، والمسئولون يتشبثون بكراسيهم.

كيف يستطيع هؤلاء الذين عاقوا أمهم حتى ماتت ثم رفضوا تسلم جثمانها أن تغمض جفونهم مرتاحي البال؟! وكيف لهؤلاء الذين اعترضوا طريق طبيب جاء ليدفن أمه بعد انتزعت من قلوبهم أبسط معاني الإنسانية أن ينظروا إلى أنفسهم في المرآة؟!

وكيف لهؤلاء من رجال الأعمال الذين قرروا أن يضحوا بالبسطاء من العاملين معهم ليزيدون ثروتهم على حساب أرواح غيرهم دون أن يتحرك ضمائرهم لتصفعهم على وجوههم؟! وكيف لهؤلاء المسئولين صغارًا أم كبارًا الذين يتعمدون التباطؤ في اتخاذ إجراءات حماية المواطنين أن يجلسون على كراسيهم بارتياح؟!

يذكرني ما يحدث الآن بما وصفه الكاتب الروائي جوزيه ساراماغو في روايته الشهيرة (العمى) التي تتحدث عن وباء معدى يتمثل في العمى أصاب مجتمع بأسره، بسبب الأنانية التي طغت على النفوس وجعلت كل فرد لا يفكر سوى أن ينجو بنفسه وليذهب الآخرون للجميع، والوحيدة التي لم يصبها الوباء تلك السيدة التي وقفت جوار أول مصاب وساعدته نفسيًا حتى ادعت أنها أصيبت لتخدمه، وكانت هي المبصرة وسط العميان.

الأزمة يا سادة ليست مطلقًا في انتشار فيروس كورونا أو اجتياحه لبعض الأجساد، لأنها حتمًا ستنتهي بمشيئة الله، فهو القادر على رفع البلاء، ولكن الأزمة الحقيقية تكمن في الضمائر التي غفوت عمدًا في الوقت الذي يجب أن تستفيق فيه وبقوة، حتى ننجو.

قبل أن تفروا من هذا الفيروس "الضعيف"حاسبوا أنفسكم، وكفوا عن حب الذات المجرد، والأنانية المطلقة، التي قد تدمر أنفسكم قبل أن تدمر البشرية بأسرها أسرع كثيرًا من "كورونا" الذي قالوا عنه اللعين ولكن ما ألعن من فيروس انعدام الضمير.. أيقظوا ضمائركم ولو قليلًا لنعبر الأزمة.