عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

على فكرة

من الصدف التى قد  لا تكون دائما خيرا من ألف ميعاد، أن المبعوث الأممى إلى ليبيا «غسان سلامة» كان له دور مماثل فى معظم أزمات دول المنطقة، فقد كان ضمن بعثة الأمم المتحدة فى العراق بعد الاحتلال الأمريكى له، ونجا من الموت فى حادث تدمير مقر البعثة الأممية الشهير فى بغداد، وتم اختياره مستشارا للمبعوث الأممى الأخضر الأبراهيمى فى سوريا والعراق، إلى أن جاء فى   يونيو  2017 رئيسا لبعثة هيئة الأمم المتحدة فى ليبيا، التى تتهم بعض تقارير صحفية أعضاء بها بالفساد والتربح من دوام الأزمة.

والمتابعة الدقيقة لتصريحات سلامة  وتنقلاته بخصوص الشأن الليبى تثبت دون عناء، أن جهوده تنصب على إبقاء الحال على ما هو عليه،  بالمساواة  المفتعلة بين تحركات الجيش الوطنى  الليبى لبسط سيادة الدولة وبين العمليات الإرهابية لمرتزقى حكومة السراج  التى تسمى حكومة الوفاق الوطنى، وتتمترس خلف شعار لم يعد يعنى شيئا  لأحد  سواه، ويصفها بالمعترف بها دوليا، وهو اعتراف لم يعد يثّبت أقدام حكومته فى العاصمة طرابلس، ولذلك تتم اللقاءات الدورية، السرية والعلنية من وقت لآخر  بينه وبين أردوغان، لمواصلة الدفاع عن مشروع الأخير الأممى بدعم من التنظيم الدولى لجماعة الإخوان، الذى يسعى وراء وهمه بإحياء  دولة الخلافة العثمانية.

تصريحات غسان سلامة  حمالة الأوجه ذات لغة مراوغة، لا تخدم سوى حكومة الإخوان، لاسيما حين يسخر صراحة من حفتر ويصفه بأنه ليس أبراهام لينكولن الرئيس الأمريكى الذى قتله خصومه  لقضائه  على الحرب الأهلية والغائه نظام العبودية، بما يحمله الوصف من تهديد مضمر، أما أكثر االاتهامات إثارة للسخرية التى وجهها سلامة لحفتر، فهو أنه غير ديموقراطى، على أساس أن الإمارة الإسلامية التى يحكمها السراج فى طرابلس غاية فى الديموقراطية !

لا يتوقف سلامة عن الدعوة لجلوس الأطراف المتحاربة للتفاوض من اجل حل سياسى ووقف دائم لإطلاق النار  كما يقضى قرار مجلس الأمن الأخير، فضلا عن حماسه  لطلب الدعم الأوروبى لإرسال بعثة بحرية، يدرس الاتحاد الأوروبى إرسالها فى مارس ،لمراقبة حظر الأسلحة للطرفين المتحاربين فى ليبيا، وهى تصريحات تعلو وتنتفض، كلما كان الجيش الوطنى الليبى يتقدم ويحقق نجاحات على الميليشيات الإرهابية  وبات يسيطر على نحو 90%من مساحة ليبيا الشاسعة، وأضحى على بعد خطوات من  العاصمة طرابلس، ليصبح هدفها الرئيسى عرقلة كل خطوة تحاصر ميليشيات  حكومة السراج  الإخوانية  والتصدى للمرتزقة الذين يجلبهم أردوغان من سوريا للدفاع عن الفرع الليبى لجماعة الإخوان، وبدعم واضح من حلف الناتو، برغم انقسام دوله حول الموقف من التحرك التركى، وتوحده حول الهدف الأبعد، وهو دعم مخطط تفتيت دول المنطقة، ومنع عبور الهجرة غير الشرعية من تلك الدول إلى الغرب الأوروبى والأمريكى. لكن من حسن الحظ أن  ليس كل ما يتمناه سلامة وبعثته الأممية يدركه. فرغم الانتقادات التى طالت قرار مجلس الأمن الأخير رقم 2510 بشأن ليبيا، استنادا إلى أنه لم  يقدم جديدا عما حملته مقررات مؤتمر برلين، لكن القرار ينطوى مع ذلك على جديد فى  مطالبته بسحب كل العناصر المسلحة المرتزقة من ليبيا، وهو ما يعد اعترافا من الهيئة الدولية بوجود مرتزقة، يتم تأجيرهم لإدامة الصراع فى ليبيا، بما  ينطوى على إدانة ضمنية لمرتزقة أردوغان .

من جانب آخر، أكد وزير الخارجية الروسى سيرجى لافروف، أنه من المهم أن تحظى آليات البعثة البحرية الأوروبية فى منطقة شرق المتوسط، بموافقة مجلس الأمن، محذرا من أية خطوات يتم اتخاذها بعيدا عن المجلس، كما لوح أعيان ومشايخ وقبائل ليبية بإمكانية مقاضاة قطر وتركيا أمام المحاكم الدولية إذا لم يتوقفا عن تدخلهما فى الشأن الليبى .

وجاءت خطوة الجيش الليبى بتعليق العمل بالهدنة التى باتت قبلة حياة لسراج وميليشياته، وإعلان المتحدث باسمه أن الأزمة طالت، ولم يعد هناك حل إلا الحل العسكرى، لتبشر بأن الوقت لم يعد به متسع للمراوغة والتلاعب بمصير الأوطان.