رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

حكاوى

أعجبتنى جداً ورقة العمل التى تقدم بها الدكتور محمد عثمان الخشت، رئيس جامعة القاهرة، بشأن تجديد الفكر الإسلامى، ولا أجد غضاضة فى القول إن هذه الورقة تعد بمثابة دستور حقيقى فيما يتعلق بالتجديد فى الخطاب أو الفكر الدينى، وبعيداً عن الحديث تماماً عن المقدسات من الثوابت الأساسية تدور ورقة العمل التى تعد بحق أهم ما صدر مؤخراً بشأن تجديد الخطاب الدينى، ونؤيد الورقة جملة وتفصيلاً، فبقدر الاهتمام بالتراث القديم، أضم صوتى للدكتور الخشت، بألا نعيش فى جلباب آبائنا وأجدادنا، ويجب أن نصنع تراثاً جديداً نعيش فيه، فهم أصحاب عقول ونحن أصحاب عقول، ولابد أن يدرك الجميع كما يقول «الخشت» أن العقل الدينى ليس هو الدين نفسه فى نقائه الأصلى، بل هو عقل تكون عبر التاريخ، ولن أطيل فى هذا الأمر، لأن «الوفد» على صفحتها الخامسة تنشر نص الورقة لأهميتها فى ضرورة تجديد الفكر الدينى بما يتوافق مع متطلبات العصر، وبالتالى لا يمكن تكوين عقل دينى جديد بدون تغيير طرق التفكير، وتجديد علم أصول الدين، بدلاً من الاستمرار بطريقة النقل عن السلف وعلمائه.

وقد حدد «الخشت» فى هذا الشأن عدة شروط لنجاح تكون العقل الدينى الجديد، وتضم إصلاح طريقة التفكير ورؤية العالم، وفعلاً فإن المعركة بين العقل القديم والعقل الجديد تقوم فى أحد مظاهرها على صراع التأويلات، ولن تحسم إلا لمن يتمكن من الانتصار فى معركة تغيير طرق التفكير، ولأن الدكتور الخشت لديه قناعة تامة فى هذا الشأن، فقد أرسى فى جامعة القاهرة مقرراً جديداً لتطوير العقل ولتغيير طرق التفكير.. ورؤية «الخشت» تنحصر فى أن جميع الإصلاحيين المعاصرين بشأن الخطاب الدينى لم يقوموا بالعودة إلى الكتاب فى نقائه الأول، بل عادوا إلى المنظومة التفسيرية التى أنتجتها ظروف سياسية واجتماعية واقتصادية لعصور غير عصورنا، واعتبروا أن كل الكتب القديمة هى كتب مقدسة، وهى تمثل المرجعية النهائية فى فهم الدين، مع أنها فى النهاية عمل بشرى، لقد أحسن الدكتور الخشت الحديث، لأن هذا هو مربط الفرس، وهو السبب الرئيسى فى تخلف الخطاب الدينى عن الواقع الذى نحياه الآن.. فإذا كان القدماء لهم رؤيتهم ووجهة نظرهم فى عصرهم، فلا يجوز بأى حال من الأحوال أن نفرض هذه الرؤية علينا الآن فى عصرنا، ما كان سبباً رئيسياً فى حالة العقم التى نحياها الآن.

العلوم التى نشأت حول الدين من صنع البشر وليست من الله عز وجل، وبالتالى لماذا نكون أسرى لها بهذا الشكل المخيف؟!!.. وبالتالى فإن الذين يعيشون فى الخطاب القديم لا يمكن لهم تأسيس عقل دينى جديد، وهذا ما دفع «الخشت» إلى القول بأن تجديد الخطاب الدينى لا يمكن أن يأتى من المؤسسات الدينية الكلاسيكية فى أية بقعة من العالم، إلا إذا كانت لديها القدرة على التخارج والتعلم من دائرة معرفية أخرى.

أكرر أضم صوتى إلى الدكتور الخشت الذى جاءت رؤيته صائبة، وبها يمكن تطوير الخطاب الدينى.

[email protected] com